بينما شددت الكاتبة أمل الرندي على ضرورة محاكاة الواقع ضمن أدب الطفل، مشيرة إلى بناء علاقة إيجابية بين الطفل والكتاب، قال د. طارق البكري إن لمؤسسات المجتمع ووسائل الإعلام دورا بارزا في تنمية الطفولة عقلياً وعاطفياً واجتماعياً وأدبياً.

Ad

جاء ذلك ضمن ندوة أدبية نظمتها رابطة الأدباء الكويتيين والتي تمحورت حول أدب الطفل بين الواقع والتجربة وأدار الجلسة الكاتبة حياة الياقوت.

بداية، أكدت الكاتبة أمل الرندي أهمية تقديم قصص مستوحاة من الواقع تعكس أجواء البيئة الحقيقية التي يعيشها الطفل، رافضة التركيز على حكايات من خارج واقعه ومحيطه لأنها تفصل بين الإنسان ومجتمعه، معتبرة الكتابة للطفل من الأشياء الجميلة التي تستمتع فيها لاسيما تفاعل الأطفال مع أبطال الحكايات.

وتهدف الرندي إلى بناء علاقة بين الطفل والكتاب من خلال تحفيزه منذ الصغر على اقتناء الإصدارات التي تتواءم مع فئته العمرية والتفاعل معها، مبينة أن هذه النوعية من الكتابة تشمل فئات عدة، وهي مراحل الطفولة المبكرة والمتوسطة والمتأخرة.

واشارت إلى أن مجموعتها «قصص الأمل التربوية للأطفال» المتضمنة نحو ثلاثين قصة تركز على فئة الطفولة المبكرة، بينما أصدرت مجموعة أخرى تعنى بمرحلة الطفولة المتوسطة وفيها موضوعات تناسب ميولهم واهتمامهم.

وفي إطار حديثها عن تكريم المجلس الوطني للثقافة الفنون والآداب، تؤكد الرندي أن مجموعة الأمل التربوية للأطفال الحاصلة على جائزة الدولة التشجيعية لأدب الطفل عام 2011، تضمنت موضوعات أدبية وتربوية وعلمية، مثمنة جهد المجلس الوطني في تكريم المبدعين.

وأضافت: «حققت هذه المجموعة نجاحاً كبيراً قبل فوزها بجائزة الدولة التشجيعية، ثم جاء هذا التكريم تتويجاً لتميزها، وقد قدمت مجموعة قصصا تحاكي الواقع وتغرس المفاهيم الجميلة وتدعو إلى المحافظة على بعض العادات والتقاليد، وحرصت على التعامل مع أكثر من رسام في أعمالي الأدبية لتقديم رؤية بصرية مختلفة ولا تعبر عن وجهة نظر واحدة، ومن هذه المجموعة قصص: «ألعاب فارس» و»حج مبرور» و»مهن مهمة» و»مزرعة الأحلام».

أمراض مجتمعية

من جانبه، أكد د. طارق البكري ضرورة الاهتمام بالطفل منذ مراحله الأولى، معرباً عن أمله في دعم الجوانب الأدبية والفكرية لتحصين النشء ضد الأمراض المجتمعية، متمنيا أن يكون معدل الإنفاق على بناء الطفل فكرياً وثقافياً مساوياً لنسبة المدفوعات على أمور التغذية.

وشدد على أن عملية بناء وتربية الطفل تسلك عدداً من السبل والطرق، تنشئ الطفل وتدربه وترافقه إلى الصبا والشباب، حيث يصبح بمقدوره الاعتماد على قدراته، وتطويرها بمعرفته.

ويأسف البكري لعجز وسائل البناء في المجتمع في السنوات الأخيرة عن مواجهة تحديات العصر، ما يلقي على أدب الطفل مهمات جسيمة في الارتقاء والنهوض والتفرد، معتبراً الطفولة همّا شاغلا وقلقا دائما لكل من أخذ من عالم الطفولة بطرف، فساحة البناء الإنساني التي كانت طوال قرون مسوّرة بسياج الأسرة والمجتمع الضيّق، اتَّسعت بصورة لم يسبق لها مثيل، فغيّرت المفاهيم، وشوّهت كثيراً من القيم الإنسانية، بعد أن كان غرسُها سهلاً.

وبين أن الكويت تصدر فيها حالياً كثير من المطبوعات والمجلات الخاصة بالطفل معظمها بجهد خاص خارج مظلة الدعم الحكومي، مؤكداً أن هذه المطبوعات لها بريق ساطع خارجياً يفوق شعاعها الداخلي، كما أن أدب الطفل لا يحظى بالاهتمام المطلوب.

وفي حديثه عن ارتباط أدب الطفل بالتوجيه، أشار إلى أن ثمة أسلوبا خاصا يتوافر في الكتابة لهذه النوعية من الأدب، إذ يجب أن يشعر الطفل بخفته وسهولته وجماله، فتوحي له الكلمة والصورة بالفكرة المؤثرة فتهذب الفكرة ذوقه، وتتيح لخياله أن ينطلق، كما تجذب الألوان بصره والمؤثرات الصوتية حسه، فيكون رفيقاً للطفل يقدم له الحقيقة والفكرة دون أن يتعبه أو يرهقه.

وأضاف: «للكتب ولوسائل الإعلام مجتمعة دور بارز في تنمية الطفولة عقلياً وعاطفياً واجتماعياً وأدبياً، لأنها أداة توجيه وإعلام وإمتاع وتنمية للذوق الفني، وكتب الأطفال وقصصه لا يجب أن تكون مجرد مستودعات للمعرفة، لكنها أدوات تعليم وتوجيه وبناء بالمرتبة الأولى، كما أن المباشرة مطلوبة في هذا النوع من الكتابة والترميز ليس وارداً».