هل ينجح فرض «المجلس» كأمر واقع؟
لقد تجاوز الشباب الوطني المخلص الذي يضحي بجهده ووقته من أجل الوطن الأجندات الانتخابية لما يسمى "كتلة الأغلبية"، وكما هو واضح فإن عمل الشباب لن يتوقف عند إسقاط مجلس الصوت الواحد، بل إنهم يعتبرونه الخطوة الأولى فقط لإنجاز حزمة الإصلاحات السياسية والديمقراطية لاستكمال بناء الدولة الدستورية الديمقراطية التي تتسع للجميع.
الرفض الشعبي والسياسي الواسع لمجلس الصوت الواحد أو "مجلس الحكومة" الذي أتى بناء على رغبتها بعد أن تجاوزت الأسس التي تقوم عليها الديمقراطية أصبح حقيقة لا ينكرها إلا مكابر أو منفصل عن الواقع، يتسلى بالتلاعب بالأرقام والنسب ليقنع نفسه قبل أن يضلل غيره بأن ما أرادته الحكومة قد تم. والسؤال الآن هو: هل يمكن أن تنجح الحكومة بفرض مجلسها كأمر واقع رغم عدم شرعيته السياسية والشعبية؟ قبل الإجابة عن هذا السؤال فإنه من الأهمية بمكان أن نفرّق هنا بين مجلس شرعي من الممكن إسقاطه من خلال الإجراءات الدستورية واللائحية المعتادة، ومجلس يعتبره قطاع واسع من المواطنين مجلسا فاقداً للشرعية الشعبية والسياسية، وهو الأمر الذي اتضح بشكل جلي عندما صوت أغلبية الناخبين على رفضه بما يشبه "الاستفتاء" على مرسوم الصوت الواحد، كما ذكر تقرير "الشال" الأسبوع الماضي.
وبغض النظر عن رأي المحكمة الدستورية؛ لأن الخلاف بالأصل سياسي، بالتالي، فمن حق الشعب المطالبة بإسقاطه باستخدام الوسائل السلمية ومنها الاحتجاجات والمظاهرات والاعتصامات ورفض التعامل معه بأي شكل من الأشكال. أما عن إجابة السؤال فمن المستبعد جداً نجاح الحكومة بفرض مجلس الصوت الواحد كأمر واقع، لسببين على الأقل هما:1- أن الخلاف المحتدم الدائر حالياً هو خلاف سياسي عميق يتعلق بأسس الديمقراطية، وليس خلافا فنيا أو سياسياً عابراً، والخلاف السياسي العميق يُحَل عادة بالتوافق الوطني لا بالقوة وفرض سياسة الأمر الواقع؛ لهذا ستشعر الحكومة ومجلسها شيئاً فشيئاً، إن لم يكونا قد شعرا بعد، بالعزلة السياسية والشعبية التي حتماً ستنعكس على طريقة عملهما وسمعتهما المحلية والخارجية خاصة مع استمرار مظاهر الرفض الشعبي العارم، وهو ما تعد القوى السياسية والشعبية والشبابية المعارضة بالاستمرار في التعبير عنه بطرق وأساليب سلمية مختلفة ومتصاعدة.2- بروز الدور القيادي للشباب الوطني المخلص والمنتمي سياسيا واجتماعيا إلى مكونات مجتمعنا كافة، والذي يتمتع بالحيوية والنشاط والمهارات المميزة التي تساعده على قيادة العمل السياسي والميداني اليومي، ومن ضمنه الاحتجاجات الشعبية بأشكالها المختلفة. لقد تجاوز الشباب الوطني المخلص الذي يضحي بجهده ووقته من أجل الوطن الأجندات الانتخابية لما يسمى "كتلة الأغلبية"، وكما هو واضح فإن عمل الشباب لن يتوقف عند إسقاط مجلس الصوت الواحد، بل إنهم يعتبرونه الخطوة الأولى فقط لإنجاز حزمة الإصلاحات السياسية والديمقراطية لاستكمال بناء الدولة الدستورية الديمقراطية التي تتسع للجميع، وهذا من شأنه أن يكسب الحراك السياسي المزيد من الالتفاف الشعبي، خاصة من أولئك الذين كان لهم مواقف مسبقة من كتلة "الأغلبية" أو بعض التنظيمات مثل "نهج"، مما يزيد من العزلة السياسية والشعبية للحكومة، ويجعل مجلسها بحكم الميت سريرياً، والذي لن تفيده وسائل الإنعاش الصناعي مهما صرف عليها من مبالغ ضخمة!