بين الرقابات الدينية والحزبية ورقابة الدولة...
هل تضيع الحقيقة في السينما والدراما؟
مشاكل الكتّاب مع الرقابة في عالمنا العربي لا تعدّ ولا تحصى، وتختلف أنواعها في مجتمعات تكثر فيها الطوائف والأحزاب، فيجد الفنان نفسه الحلقة الأضعف ويصطدم بجدار من الممنوعات تتحطم عليه أفكاره التي تعكس صورة حقيقية عن مجتمعه بهدف تطويره ودفعه إلى الأمام.
مشاكل الكتّاب مع الرقابة في عالمنا العربي لا تعدّ ولا تحصى، وتختلف أنواعها في مجتمعات تكثر فيها الطوائف والأحزاب، فيجد الفنان نفسه الحلقة الأضعف ويصطدم بجدار من الممنوعات تتحطم عليه أفكاره التي تعكس صورة حقيقية عن مجتمعه بهدف تطويره ودفعه إلى الأمام.
تؤكّد الممثلة ورد الخال أن الرقابة تمنع الكاتب الدرامي أو السينمائي من نقل واقع مرير يعاني منه بعض أفراد المجتمع، إما بحجّة خدش حياء الرأي العام أو غيرها من التبريرات التي لا تكون في مكانها. من هنا ترى أن الرقابة سواء كانت دينية أو حزبية إضافة الى رقابة الدولة تحدّ من فكر الكاتب وخياله وتحول دون تطوره، مع ذلك تخطت أعمال كثيرة هذا الواقع ووضعت الإصبع على الجرح إنما بشكل مجمّل، تقول: «نطمح إلى حرية أكبر لتكون الدراما والسينما معبرين أساسيين عن واقعنا من دون أن تصطدما بمشكلات الرقابة}.تضيف: «ثمة قضايا تعتبر من المحرّمات سواء على صعيد السياسة أو الجنس، لأننا في بلد يضجّ بتعقيدات ومشكلات متشعبة بسبب تعدّد الأفكار والمبادئ والثقافات والتناقضات بين أبناء المجتمع الواحد. لذلك يجب أن يعرف الكاتب الدرامي كيف يطرحها بشكل يتقبله محيطنا المريض الذي نسعى إلى شفائه».
تلاحظ أن مجتمعنا الذي يتقبل أفكار الغرب ويتمثل به لا يقبل أن يطرح كاتب لبناني الأفكار نفسها، «نحتاج إلى سنوات ليتحقق التغيير في عقليتنا، فنحن نمرّ بظروف خطيرة تفسّر فيها الأمور بطريقة خاطئة، والبلاد تغلي طائفيًا وتؤثر الثورات العربية في فكر الإنسان ونظرته إلى الأمور قبل تأثيرها في الفن».يوتيوب وإنترنتتستغرب الكاتبة كلوديا مرشيليان الحديث عن رقابة في ظلّ وجود الـ «يوتيوب» ولا تستوعب مقولة: «ممنوع على مَن هم دون الثامنة عشرة من العمر»، مع وجود الإنترنت وتوضح في حديث لها: «في كل منزل أكثر من تلفاز في أكثر من غرفة، ولكلّ تلفاز جهاز تحكّم عن بعد يتنقّل بين ما يقاربالـ 1500 محطة مختلفة، يُمسك به شخص تختلف أذواقه وآراؤه عن الشخص الآخر».مرشيليان التي طرحت في أعمالها مواضيع جريئة على غرار الدعارة والتحرش الجنسي تؤكد أن الرقابة تحدّ من أفكار الكاتب وتبعد النص عن الواقعية، وبالتالي لا يمكن الحديث عن تطور في السينما أو حتى الدراما في ظل وجود رقابة مهما كان نوعها. تضيف: «ثمة أعمال قدمتها على شاشة الـ «أم تي في» اللبنانية التي تبث فضائياً وبالتالي لا تخضع للرقابة، ما يفسح في المجال أمام حرية أكبر في طرح المواضيع».عمّا إذا كانت تعرضت لمضايقات لطرحها في مسلسل «أول مرة» تحرش أستاذ بطالبة قاصرة، توضح: «بالعكس، أبدى رجال دين كثر رضاهم عن الطريقة التي عالجت فيها التحرش الجنسي وشجعوا طلابهم على متابعته كونه مفيداً وتوجيهياً، لا سيما لجهة الموقف الواعي للراهبتين المسؤولتين عن هذه الطالبة وكيفية معالجتهما هذه المشكلة».كانت مرشليان أكدت في حديث سابق أنها تمتلك رقابتها الخاصة، لأنها ككاتبة لا تستطيع الحديث عن أناس على سطح القمر وتنسى الذين تعيش بينهم، «لا بد من تقديم جزء من الصورة الأشمل التي أريدها، وقررت نفض الغبار عن أفكارنا المسبقة، وأحداثنا المتشابهة، وتقديم ما هو مختلف».حق التعبير«لا أؤيد الرقابة لأن السينما حرّة ويحق للفنان قول ما يشاء من خلالها» تؤكد الممثلة كارول الحاج مشيرة إلى أننا نعيش في بلد متخلّف يستخدم الدين لمحاربة الغير.تضيف: «بغض النظر عن ماهية أي فيلم معروض وما إذا كنت معجبة به أم لا، يجب ألا يتوقف عرضه بل أن يُحترم رأي الفنان وحريته الفكرية، خصوصاً أن السينما فن عالمي وإذا فرضت عليها رقابة خسرنا حريتنا».تأسف الحاج كون هامش الحرية في السينما المصرية مثلاً ضاق بعدما كان في السابق واسعاً، مشيرة في الوقت عينه إلى أن هذا الهامش بالذات يختلف بين السينما والتلفزيون وتفسر ذلك قائلة: «ليس بالضرورة أن يراعي الكاتب السينمائي طبيعة المجتمع الذي يعيش فيه لأن ثمة حرية في اختيار الفيلم حسب ذوق الشخص وثقافته، فيما يمكن مراعاة مشاهدي التلفزيون لاختلاف مستواهم الفكري والاجتماعي ولأن المادة المعروضة قد تؤذيهم».بدورها تتساءل الكاتبة والممثلة ريتا برصونا، التي تحذف الرقابة مشاهد من أعمالها بحجة أنها جريئة ولا تناسب المجتمع: «لماذا علينا تزييف الحقائق وتبيان صورة مغايرة عن الواقع المعاش؟ هل المجتمع الذي نعيش ضمنه مثالي أم يتخبط بمعضلات تتفاقم يوماً بعد يوم ويتم التكتم عليها كونها تمارس في السر؟»