"الحشو"، كما هو معروف باللهجة الكويتية، هو البصل والبهارات والكشمش التي نضعها في السمك والأرز وغيرهما من الطعام، ولكن بعيداً عن المائدة الكويتية أجد في الصحافة أن هناك نوعاً آخر من الحشو المشابه كثيراً لفكرة البصل المقلي، والتكرار الغريب على مر الأعوام يشبه كثيراً فكرة "مجبوس" الدجاج واللحم على اعتبار أنهما من الأكلات الأكثر تكراراً في الكويت.
فمنذ نعومة أظافري- حتى هذه المقولة تعطيك إيحاء أن الأظافر قد تصبح خشنة مع الكبر- لاحظت انتشار أخبار صحية في الصحف عن الأرق، وحَب الشباب، ووصفات عمل المعكرونة، والأكلات الشعبية والعالمية، وأخطار كثرة تناول الشاي والقهوة، وطرق وضع الماكياج السليمة، وأعتقد أن هناك قائمة طويلة مكررة تمتد عقوداً طويلة.من المضحك أن هذه القائمة لا تعرف مكاناً أو زماناً أو بلداً، فهي تتحدى العولمة بانتشارها على جميع المطبوعات العربية، وتكرارها لا يعني أننا لا نعرف مضار القهوة ولكننا سنستمر في شربها على كل حال، فلا أحتاج أن أقرا نفس المعلومة بشكل أسبوعي في كل الجرائد والمجلات.هذا الحشو المقلي والممل جداً بات باهتاً وغير مثير، ولكن لو قمنا بمقارنته بأي مجلة أو جريدة في أي بلد أجنبي لوجدنا الفرق شاسعا، حتى في صحافتهم الصفراء هناك إثارة دائمة والإثارة من أهم عواملها عدم التكرار.وجود دماء جديدة في الصحافة يجب أن ينهي هذا التكرار الذي لا يعرف تاريخاً لانتهاء صلاحيته، ولتستفد المطبوعات الورقية من تجربة المدونات وشبكات التواصل الاجتماعية التي تبحث دوما عما هو جديد، وتعتبر خبر الأمس قديماً، فما بالك بوصفة اللازانيا التي لم تتغير منذ الأزل ومازالت تنشر بالجرائد الورقية.الصحافة يجب أن تكون مدرسة متغيرة على الدوام، لكن العربية منها لا تتقبل التغيير، وغير قابلة للتجدد والتنفس، فهي رتيبة وذات لغة رسمية، وحتى الأفعال المستخدمة فيها محدودة، ونحن كصحافيين في أي محاولة لنا في كسر القالب المعروف نجد أن خبرنا غير قابل للنشر أو يعيد المحرر صياغته على الطريقة التقليدية المملة نفسها.قليل من التغير والحداثة لن يضرا، بل بالعكس سيجعلان من تلك السلطة الرابعة سلطة متجددة، قارن بين امرأة تركت التجاعيد تغزو وجهها وأخرى استخدمت قليلاً من "البوتكس" لتحافظ على نضارتها، هكذا هي صحافتنا تحتاج إلى قليل من "إبر البوتكس" لتستعيد جاذبيتها لدى القراء.قفلة:تكاد الكويت تكون "الدولة الوحيدة" التي لا يحترم فيها قانون منع التدخين في المجمعات والمطارات، وتجد نفس الذي دخن في مطار الكويت يرتجف خوفاً من الإمساك بسيجارته في أي مطار آخر، وهذا يعني أن العقوبات هي السبيل الوحيد لتنفيذ القوانين... ومنّا إلى منفذي القوانين نطالب بتطبيق العقوبات على من يتجاوزها!
مقالات
منظور آخر: الحشو الصحافي
19-03-2012