لطالما استمتعنا ونحن في مرحلة البحث في مجال العلاقات الدولية بالاطلاع على الإرث التاريخي الغني الذي تميزت به منطقتنا، وذلك بحكم موقع الكويت المتميز وجاذبيتها لدول آسيا منذ القدم، إضافة إلى انطلاقها المبكر في رسم سياستها الخارجية مع دول العالم.

Ad

بعدها تأتي مرحلة من أهم مراحل استكمال مسيرتها أثناء توليها الرئاسة الدورية لمنظومة مجلس التعاون عام 2004 عبر التوجه إلى الشرق، تابعنا وقتها الزيارة التي قام بها سمو الأمير عندما كان رئيساً للوزراء، فاتحاً البوابة الشرقية أمام تطوير العلاقات الخليجية مع دول شرق آسيا.

واليوم وبمناسبة زيارة سموه الأولى إلى اليابان بعد توليه الإمارة، ومرور خمسين عاماً على العلاقات الكويتية اليابانية بالإضافة إلى كتابتي الجزء الأول من كتاب "الدبلوماسية الاقتصادية والعلاقات الكويتية اليابانية"، اسمح لي أخي القارئ أن أطلعك على بعض النقاط التي استرعت اهتمامي، وأبرزها التطور التاريخي للعلاقات الكويتية الآسيوية، والمحطات المهمة التي مرت بها من خلال المتغيرات المؤثرة في المنطقة والمنحى الجديد للعلاقات الكويتية مع دول قارة آسيا، ودمج المحور الاقتصادي بالسياسي القائم.

ولو تساءلنا؛ لماذا الدبلوماسية الاقتصادية؟ لابتدأنا بتعريف مايك هوجز للدبلوماسية الاقتصادية بأنها الإدارة السليمة للعلاقات الاقتصادية عبر القنوات الدبلوماسية، وأجدها شخصياً خير نسق لوصف العلاقات الخليجية اليابانية.

فلو عدنا بالعلاقات الاقتصادية بين اليابان ومنطقة الخليج إلى عام 1880 حين أرسلت اليابان السفن للمنطقة للاستكشاف والتعرف على الفرص التجارية، كتجارة اللؤلؤ الطبيعي والصناعي لاحقاً، لأدركنا أهمية المحور الاقتصادي كعامل رئيسي في العلاقات بين الطرفين.

وفي الإطار الدبلوماسي أيضاً لا بد أن نذكّر أن اليابان من أولى الدول التي باشرت بالاعتراف الدبلوماسي بالكويت فور استقلالها، وذلك في عام 1961، ومن ثم افتتاح السفارة اليابانية بالكويت في عام 1963، ومنذ ذلك الحين والمحور الاقتصادي ينتعش ويزدهر وذلك عبر استضافة الوفود بأنواعها البرلمانية منها والتجارية.

وأخيراً... فالدروس التي نتعلمها من اليابان تكمن في كونها الدولة الخارجة من الحضارة الشرقية والتي استطاعت أن تصبح ذات نفوذ وتأثير عالميين عبر تعزيز قوتها الاقتصادية أولاً، وبصياغة نموذج إداري خاص بالإصلاح والتحديث ثانياً. أما العامل الثالث والأهم، فهو حرص المجتمع الياباني أن يكون منتجاً بالدرجة الأولى قبل أن تغزوه ثقافة الاستهلاك.

كلمة أخيرة:

في الوقت الذي اختار البعض أن يضرب عن العمل رغبة في المكسب المادي بأي ثمن، اختار البعض الآخر أن يلتزم بالدوام أثناء الغبار رغم التعميم بالإعفاء من العمل، وهذا بكل بساطة أحد معاني المواطنة... فتحية لمن اختار الكويت أولاً!