لا أفهم سبب الفرح الذي ينتاب جمهور الإعدام عندما يتم قتل المتهم أمام أعينهم ليلتقط بعضهم الصور التذكارية، ويتناول بعضهم المكسرات، في حين يتداول آخرون آخر النكات، في ذات اللحظة التي تقوم فيها السلطة بقتل شخص لا يعرفونه، وفي الكثير من الأحيان لا يعرفون حتى جريمته، وفي أحيان أخرى يكون مريضاً عقلياً، وفي أحيان كثيرة يكون خصماً سياسياً للسلطة ألبسته تهمة ازدراء الدين أو خيانة الوطن أو أي شيء آخر، وقد كان لافتاً أن الكثيرين ممن تم إعدامهم في دول كثيرة إسلامية قد أُعدموا بتهمة الضلال والخروج من الملة، بينما كانوا يدعون إلى الدين المتشدد فالدوائر للأسف تدور. ولكنّ السياسيين لا يعنيهم البشر ولا حمايتهم من السلطة، ورؤيتهم ليست أبعد من أنوفهم، فكل ما يعنيهم كراسيهم، فإعطاء صلاحية قتل إنسان بيد سلطة مدانة بالقتل تحت التعذيب هو أمر خطير ومضاد لكل تعاليم النبوة التي يزعمون الدفاع عنها.  وعبر التاريخ حاول الإنسان أن يطور من وسائل الإعدام التي ظل الشنق أشهرها، وهو الأسلوب الذي "يعلق السجين فيه بحبل مربوط حول عنقه، ويقتل بفعل ضغط الحبل عند سقوط الجسم، ويكون غيابه عن الوعي أو موته ناجماً عن إصابة في عموده الفقري أو، إذا لم يكن ذلك كافياً، عن الاختناق نتيجة انقباض القصبة الهوائية". وفي 1988 أنشئت لجنة بريطانية حكومية هدفها إعداد تقرير حول كيفية تنفيذ الإعدامات بطريقة لائقة ولضمان "موت عاجل بلا ألم عن طريق خلع فقرات العمود الفقري بدون فصل الرأس". فبعد وضع الحبل حول العنق وشده، يفتح باب أفقي تحت قدمي السجين، وتتوقف المسافة التي سيسقطها السجين على طول الحبل، الذي يُحسَب بناء على طول السجين ووزنه، بحيث يؤدي إلى فصل العمود الفقري بدون فصل الرأس. والشنق على هذا الشكل يتطلب مهارة وخبرة، فالجلاد المدرب يجب أن يكون بمقدوره أن يحسب بدقة طول الحبل من أجل الهبوط المطلوب لتحقيق نتيجة سريعة، وبعد تقييم متعمق، كما تشير الامنستي، أوصت اللجنة بالإبقاء على أسلوب الشنق كما هو حيث أظهر تشريح 58 جثة لمعدومين أن السبب الفعلي للموت كان "خلع فقرات العنق بكسر العظم، مع تمزيق أو سحق العمود الفقري مما يسبب الإغماء الفوري وليس هناك احتمال لاسترداد الوعي، لأن التنفس لا يعود ممكناً"، لكنه في الكثير من الحالات نجد الحراس ينهون العملية بشد قدمي المشنوق نزولاً، ورغم أن الإغماء قد يكون حدث قبل ذلك فمن المحتمل أن ينتفض جسد السجين ويخفق قلبه بضع دقائق أخرى. ففي 16 نوفمبر 1981 وقف عامل بناء تايلندي مواجهاً جمهوراً قبل إعدامه، إلا أنه قضى أكثر من تسع دقائق ليموت لأن وزنه كان خفيفاً حيث لم يكف ذلك لكسر عنقه فمات اختناقاً. أساليب الإعدام تتراوح ما بين الشنق والرمي بالرصاص والإعدام بالكهرباء والخنق بالغاز السام والحقن المميت وقطع الرأس والرجم بالحجارة. في إحدى زياراتي للسودان عام 1991 أبلغني أحد المحامين أن الإعدام موقوف بالسودان، استغربت، بسبب أن مواصفات الحبل المستخدم لم تعد متوافرة، فالمصنع البريطاني الذي كان يصنعها قد أغلق أبوابه وبالتالي تم إيقاف الإعدام حتى يتم توفير حبل من مصدر آخر، ولا أدري كيف تدار المسألة اليوم. وللحديث بقية
Ad