منتصف العمر... ربيع وجاذبية
فيما يمثّل منتصف العمر أزمة لنساء كثيرات، يؤكد خبراء نفسيون أنه مرحلة نضج واكتمال الأنوثة وقوة الإرادة في مواجهة تغيرات الجسم والتوتر والقلق، ودعوة إلى السعادة وتبادل الحب والمشاعر الدافئة بين الزوجين.
يلفت د. يسري عبد المحسن، أستاذ الطب النفسي في جامعة القاهرة في دراسة أخيرة له إلى أن قدرة الرجل على الإنجاب تستمر مدى حياته، فيما تتوقف قدرة المرأة على الإنجاب عند بلوغها مرحلة التحول الجسدي، أو ما يسمى خطأ «سن اليأس»، فيما في الحقيقة لا وجود لليأس في أي مرحلة من عمرها.يضيف: «ثمة تغيرات فرضها الله سبحانه تعالى على جسد المرأة نتيجة تغيرات هرمونية وتحولات فيزيولوجية، تبدأ في الخامسة والأربعين تقريباً لغاية الخامسة والخمسين من العمر، ذلك بفقدها القدرة على الإنجاب فتتوقف الغدد عن الإفرازات الهرمونية المتعلقة بالنواحي التناسلية، وينتج من ذلك عجز عن إفراز البويضات التي تلقح بواسطة الحيوان المنوي وينتج منها الجنين».
يوضح عبد المحسن أن هذه التحولات لدى المرأة لا تعني أن الأخيرة لا يمكنها المعاشرة الزوجية، إنما لا تستطيع الإنجاب، ولا يجوز الربط بين الأمرين لأن العطاء الجنسي يستمر لدى المرأة طوال حياتها بقدرة وكفاءة على غرار الرجل ويكمن الفرق في القدرة على الإنجاب فحسب.ويشير د. عبد المحسن إلى أن الضعف الجنسي يأتي نتيجة تغيرات جسدية عموماً لدى المرأة والرجل، لكن ثمة تناسباً بين هذا الضعف والتقدّم في العمر وبين القدرة الجنسية عند كل من الطرفين، وإذا كانت المعاشرة الزوجية هي عطاء وتبادل، فتكون العلاقة ناجحة بين الزوجين مهما بلغا من العمر لأن الضعف يطرأ على كليهما.يضيف: «إذا كانت المعاشرة الزوجية تضعف مع التقدم في العمر، فيكون التعويض بتبادل المشاعر والأحاسيس الرقيقة، وتنمية هذا القدر المتبادل من العاطفة، ولا يوجد مبرر للخجل من استمرار العلاقة العاطفية والمحبة والودّ».من الغريب في رأيه، أن يعتقد المسنون أن حياتهم العاطفية والجنسية انتهت، كما لو كان ذلك حقاً لصغار السن وليس حقاً لهم.نضج وسعادةيؤكد الخبير النفسي د. عبد المحسن علام أن التقدم في العمر لا يعني اليأس والاكتئاب لدى المرأة، وعدم الرغبة في ممارسة المهام اليومية، بل النضج والسعادة. وليس طبيعياً من الناحية النفسية العودة بالذاكرة إلى ما كانت عليه في الماضي، وأنها فقدت شبابها وأنوثتها ووقعت فريسة التوتر والقلق، ما ينعكس على علاقتها بزوجها.يحذر علام الزوجة من رفض الاستجابة لمشاعر الزوج ورغبته في الاقتراب منها، وتوهمها بأنها فقدت أنوثتها وجاذبيتها، بالتالي تقع مشاكل بينهما وتصبح حياتهما عرضة للتفكك والانهيار.ينصح علام الزوجة بعدم الاستسلام لليأس في منتصف العمر، وأن تقصد طبيباً وتعرض له ما تشكو منه، وتخفف من حدّة التوتر أو الخجل، وفي هذه الحالة تكون للطبيب رؤية شاملة للحالة ويقرر إذا كانت المرأة تحتاج إلى علاج نفسي أو تعويضي.بدوره يرى د. وليد نادي، باحث تربوي في جامعة القاهرة، أن نساء كثيرات حين يصلن إلى سن الأربعين تعتريهن كآبة، ويصبن بالإحباط من التجاعيد التي تزحف إلى الوجه الجميل، والهالات السوداء تحت العينين وخلف الجفنين، بينما هي مرحلة طبيعية في حياة كل امرأة. يضيف: «يحدث هذا التغير البيولوجي بين الخامسة والأربعين والخامسة والخمسين من العمر ويعني انقطاع الطمث، ترافقه ضغوط نفسية تختلف حسب تكيف المرأة مع الوضع الجديد وتقبلها له». يوضح أن اجتياز الأزمة في يد المرأة نفسها، ولا تكون المعالجات والأدوية فاعلة إلا بإرادتها وعدم استسلامها للتوتر والاكتئاب. ويؤكد أن الإحصاءات تشير إلى أن المرأة في الأربعين قد تعيش من 25 إلى 33 سنة أخرى، والمرأة في الخمسين يمكن أن تعيش 24 سنة أخرى، والمرأة في الستين قد تعيش 17 سنة أخرى، أي أن المرأة المتوسطة العمر لديها الكثير من عمرها لتتمتع به.ويلفت نادي إلى أنه إذا كان العمر يفقد الإنسان بعض قدراته الجنسية فإنه لا يفقده طاقته الذهنية، والقدرة على الاستمتاع بالحياة، ولا تؤثر السن المتقدمة على المعاشرة الزوجية للرجال والنساء الناضجين انفعالياً، وتتأثر نسبة قليلة بذلك قبل بلوغ الستين نتيجة لأسباب مرضية أخرى.نصائح مهمة لكل امرأة- اكتشفي قدر الإمكان المعلومات المتعلقة بمرحلة اليأس.- ابحثي في ذاتك عن أمور إيجابية مثل الخبرة والتجربة والحنكة واللباقة الاجتماعية والعلم والعقل والأناقة والأخلاق الحميدة.- لا تعتبري انقطاع الطمث يأساً وقبراً يدفن فيه الحب، بل إنه يتيح سعادة زوجية كبيرة من دون قلق أو خوف من حمل غير مرغوب فيه.- تحدثي إلى المقربين عن اهتماماتك ولا تلزمي الصمت حيال معاناتك.- كوني على يقين أنك بمقدار تمسكك بأهدافك يمكنك تحقيقها.- اخضعي لفحوصات طبية منتظمة وعلاجات مناسبة للحفاظ على سلامتك، ما يشعرك بطمأنينة وثقة بالنفس وتحرّر من القلق والخوف.- تعلمي الاسترخاء واحصلي على قدر كافٍ من النوم.- واظبي على التمرينات الرياضية كلما تقدم بك العمر.- تعاملي بهدوء مع أبنائك ولا تدخلي في نزاعات معهم، خصوصاً المراهقين.- انظري إلى المتبقي من عمرك نظرة أمل فالمستقبل مشرق دائماً.