الأغلبية الصامتة: زمن 67
في الموازنة بين الأكثر خطراً على الدستور والحياة الديمقراطية، السلطة أو مجاميع كتلة الأغلبية المبطلة، خصوصاً التيار الديني، لم أكن لأحتاج إلى بصيرة أو شواهد تبعدني عن واقع لم يتبدل أو يتغير كثيراً، وهو أن السلطة هي السلطة في عز قوتها أو قمة اختناقها، إن خلا لها الجو وصفا فإنها تفضل الاستئثار بكل السلطات.خطر السلطة "الأثقل" على الدستور لا يتوقف عند تاريخها في الانقلاب عليها أو برودها في الدفاع عنه، الخطر برأيي ينبع من أمرين: الأول، أن السلطة وجود ثابت لا يتأثر بنتائج الانتخابات، وأفضل أو أسوأ برلمان قد يمران في تاريخنا السياسي لن يغيرا من حقيقة أن السلطة هي الباقية بنهجها وأسلوبها. السبب الثاني، هو أن السلطة لا تعني "القرار" فقط، وإنما القدرة على التنفيذ وامتلاك المال والرجال والقوة، لذلك لا توجد دولة واحدة في العالم لديها برلمان دون حكومة ولكن يوجد الكثير من الدول لديها حكومة بدون برلمان.
من هنا ينطلق تحليلي في الرد على من يحمّل البرلمان منفرداً مسؤولية النهوض بالكويت ويتعامى عن المسؤول الأول، وهو السلطة التنفيذية، فضلاً عن توافر أغلبيات نيابية- حتى مجلس 2009- لم تستعملها الحكومة في فرض "الخير" للشعب على أرض الواقع بقدر ما استعملتها للتسويف والمماطلة، أما النواب فأقصى ما سيصلون إليه هو تفعيل أداة حجب الثقة عن وزير ما أو إعلان عدم التعاون مع رئيس مجلس الوزراء، وغير ذلك لا يملكون إلا الصراخ. "العلة"، بناء على ما سبق، تتلخص في كلمتين "سوء إدارة"، ومن عام 2009 على الأقل لم "ينكش" عش الدبابير غير سوء الإدارة، ولم يهشم خلية النحل غير سوء الإدارة، بالعربي، الحكومة صنعت معارضيها وهيجت الناس وكل من يملك التأثير فيهم ضدها، ولم يبقَ معها من حلفاء غير من هم "شطار" في دفع المحايدين دفعاً نحو "ساحة الإرادة".هل تريدون نموذجاً على "سوء الإدارة"؟ منذ إغلاق باب الترشح لمجلس الصوت الواحد، انتهت أسطورة النواب المشاغبين بعد أن أصبحوا رسمياً نواباً سابقين ومواطنين عاديين "حالهم من حالنا" ولم يبقَ على الساحة وميادين العمل غير الحكومة و"صداها"، الآن من هو الخصم؟ من المعطل الرئيسي للتنمية ومشروع النهضة الثانية؟ الجواب ستعرفه الإدارة من الناس الملتفين حولها هذه الأيام.سوء الإدارة، وهو نتاج لتفكير محدود، تعامل مع معطيات عام 2012 بأسلوب عام 1967، لم يحتسب قوة الشباب وتوسع قاعدة متعاطي السياسة، لم ينتبه إلى وجود "تويتر" والإعلام الرقمي الفوري، لم يشعر بتضخم هموم الناس ودورها في تغذية المعارضة، لم يسمع عن قدرة أي مواطن على عقد مؤتمر صحافي في منزله وبثه على اليوتيوب، لم يدرك بعد أن مقابلة تلفزيونية تظهر في الـ"بي بي سي" أو "سكاي نيوز" ستنقل إلى العالم الصوت الثاني "المكبوت".زمن 1967 يا سادة، كانت فيه الصحف أربعاً وتصدر أسبوعياً (الرأي العام، والسياسة، والوطن، والطليعة) وقناة تلفزيونية يتيمة تبث بالأبيض والأسود ولمدة 4 ساعات فقط... فمع أي العقول أنتم تتعاملون؟ تواضعوا قليلاً.