آمال: جائع متخم

نشر في 20-05-2012
آخر تحديث 20-05-2012 | 00:01
No Image Caption
 محمد الوشيحي تفلتت الدقائق من بين أصابعي وتساقطت من ساعة يدي، ومضى قطار العمر يا ولدي، مدة تتجاوز الشهر، من دون أن أقرأ كتاباً واحداً، أو الأصدق، من دون أن أُكمل قراءة كتاب واحد، ومن دون أن أستمع إلى أغنية أحبها بهدوء.

الضجيج لا يُطرب، وضجيج السياسة أعلى من ضجيج الطائرات الحربية، ولو كانت السياسة غذاء لقتلتني لشدة التخمة، ولما نفعتني عمليات "تحزيم المعدة" ولا هزهزتها.

وأحذر نفسي وأتوعدها بسبابة طويلة غليظة: "ممنوع الاقتراب من السياسة مدة ثلاثة أيام"، وأتظاهر بالانشغال عنها، ولا أجد نفسي إلا وأنا أتسلل على رؤوس أصابعي وأفتح بابها، وأدخل إلى غرفتها خلسة وهي نائمة، وأرفع غطاءها... لا كشف الله لنا غطاء.

ثم ماذا؟ أو كما تقول إحدى شركات الصناعة الأميركية وهي تتحدى قريناتها "وماذا بعد؟"... أجزم أن تعاطي الحنظل أحلى وألذ من تعاطي السياسة في الدول العربية، والكويت دولة عربية، كما ينص الدستور في مادته الأولى، ولو كان القرار بيدي، لرميته من يدي لشدة حرارته، ثم التقطته وصححت المادة الأولى "الكويت لا علاقة لها بالدول العربية وبين البائع والشاري يفتح الله".

لكن، وكما يقول المعزّون: "من رأى مصيبة غيره هانت عليه مصيبته"، فإذا كنت - أنا - عاجزاً عن قراءة كتاب، فإن إعلاميي مصر، كما أظن، عاجزون عن قراءة سطر واحد. ياااه ما أعلى الضجيج في مصر، وياااه ما أشده وما أبشعه.

ومن مصر أنتقل إلى بقية بلاد العُرب أوطاني، فأقرأ ما تكتبه صحافة تونس من على شاشة الكمبيوتر، ثم أقلب الصفحة - ولو استطعت لمزقتها – لأقرأ ما تكتبه صحافة لبنان، والمواقع الإلكترونية السورية، إذ لا صحافة في سورية، والصحف المغربية، والعراقية، ووو، فاكتشف أن الإعلاميين العرب في حالة يرثي لها الرثاء، ويبكي لها وعليها البكاء.

لذا، وبعد أن شكوت الحال، سأطرح فكرة على الزملاء العرب الإعلاميين المنكوبين المنكودين: "ما رأيكم أن نترك الساسة والسياسة في العراء، بلا غطاء إعلامي، مدة أسبوع؟" خذوها مني صافية، عليّ النعمة ستتبدل أوضاعهم وأوضاعها، أقصد الساسة والسياسة.

تعالوا نجرب ونتركهم ونتركها، ثم نراجع الأوضاع بعد أسبوع، ونرى ماذا جرى... وإذا وافقتم فسأبدأ بنفسي، لكنني أخشى أن تفعلوا معي ما فعله الأطفال بصديقهم الذي بكى لشدة حرارة الأكل، فقيل له: "دعه حتى يبرد"، فأجاب: "هم لن يدعوه".

back to top