الأندلس... تاريخ الفردوس المنسي (12)

Ad

المرابطون يسحقون الإسبان في «الزلاقة»

فجرت أزمة سقوط مدينة طليطلة في يد ألفونسو السادس مخاوف لدى ملوك الطوائف من المصير المشؤوم الذي بات يهدد الجميع، ولم يعد أمامهم نظرا للضغط الشعبي، الذي وقف على رأسه فقهاء العصر، إلا الاستعانة بأقوى ملوك المغرب العربي يوسف بن تاشفين، عاهل المرابطين العظيم، ولم يعلم أحد أن ذلك سيربط الأندلس بالمغرب، وسيجعل دول الأخير تحدد مصير الأندلس حتى النهاية.

فجرت أزمة سقوط مدينة طليطلة في يد ألفونسو السادس مخاوف لدى ملوك الطوائف من المصير المشؤوم الذي بات يهدد الجميع، ولم يعد أمامهم نظرا للضغط الشعبي، الذي وقف على رأسه فقهاء العصر، إلا الاستعانة بأقوى ملوك المغرب العربي يوسف بن تاشفين، عاهل المرابطين العظيم، ولم يعلم أحد أن ذلك سيربط الأندلس بالمغرب، وسيجعل دول الأخير تحدد مصير الأندلس حتى النهاية.

نهاية عصر الطوائف

استطاعت القوات المرابطية دخول قرطبة في عام 484هـ/1091م، وبدأت قواعد مملكة إشبيلية في التساقط تباعا، وضرب حاكم الأندلس المرابطي سير بن أبي بكر الحصار على إشبيلية، التي تحصن بها المعتمد بن عباد، ولم تغن حصانة إشبيلية شيئا فقد اقتحمها المرابطون، رغم ما أبداه المعتمد من بسالة وتفان في حماية مدينته، لتسقط إمارة بني عباد في 22 رجب سنة 484هـ/ 7 سبتمبر سنة 1091م، لينتهي معها فعليا عصر الطوائف الذي استمر ما يقارب الستين عاما.

أما المعتمد بن عباد فبعد أن وقع في الأسر تقرر نقله من إشبيلية إلى بلاد المغرب، وخرج المعتمد من قصره بإشبيلية يتخبط في السلاسل، وضجت الرعية بالبكاء والنواح على رحيل حاكمهم ليواجه مصيره المجهول، وهو مظهر حرك شاعر المعتمد، ابن اللبانة ليقول:

سارت سفائنهم والنوح يتبعها كأنها إبل يحدو بها الحادي

كم سال في الماء من دمع وكم حملت تلك القطائع من قطعات أكباد

صدرت أوامر أمير المسلمين يوسف بن تاشفين بحبس المعتمد بن عباد وآله في قلعة أغمات بالقرب من مراكش حاضرة المرابطين، وهناك قضى المعتمد أربع سنوات يتجرع مرارة الذل وهوان الحبس، ولم يجد ما يسليه سوى الأشعار يسجل بها محنته التي اختتم بها حياة الملك والعز.

وقال المعتمد أشعارا طلب من مرافقيه أن تكتب على قبره بعد وفاته وهي:

قبر الغريب سقاك الرائح الغادي حقا ظفرت بأشلاء ابن عباد

بالحلم بالعلم بالنعمى إذا اتصلت بالخصب إن أجدبوا بالري للصادي

بالطاعن الضارب الرامي إذا اقتتلوا بالموت أحمر بالضرغامة العادي

بالدهر في نقم بالبحر في نعم بالبدر في ظلم بالصدر في النادي

نعم هو الحق حاباني به قدر من السماء فوافاني لميعاد

ولم أكن قبل ذاك النعش أعلمه إن الحبال تهادي فوق أعواد

كفاك فارفق بما استودعت من كرم رواك كل قطوب البرق رعاد

وبالفعل عندما توفي المعتمد بن عباد في 11 من شوال سنة 488هـ/أكتوبر 1095م، ودفن خارج مدينة أغمات، وضعت أبيات الشعر تلك فوق قبره، لتكون إشارة وعلامة على نهاية عصر، ونهاية مسيرة هذا الرجل الذي شغل بأشعاره وحياة البذخ وبلاطه، بما حوى من أدباء وشعراء، الشطر الأكبر من عصر دول الطوائف.

انتهى عصر الطوائف إذن بعد أن نشر الفوضى في بلاد الأندلس واضعف البلاد، وانتهت دول ذلك العصر بالسقوط تباعا في يد المرابطين حكام المغرب، وبعد أن كانت الخلافة الأموية في قرطبة هي التي تحدد سياسة المغرب الأقصى، دار الزمن دورته وأصبحت الأندلس ولاية تابعة لمراكش، وتابعا للمتغيرات السياسية بالمغرب، وما حفلت به من تناقضات وصراعات، وظل هذا حال بلاد الأندلس حتى قريب من سقوط غرناطة وذهاب الأندلس.