Argo... فكرة واقعية جنونية

نشر في 31-10-2012 | 00:01
آخر تحديث 31-10-2012 | 00:01
No Image Caption
منذ أن انسحب بن أفليك إلى ما وراء الكاميرات ليتولى الإخراج، لم يقدم حتى الآن فيلماً لا يترك المشاهدين في حالة ترقب دائم، و يثبت Argo حجم التقدم الذي أحرزه هذا النجم من خلال إخراج ثلاثة أفلام فقط.
ربما أظهر بن أفليك براعته في جوانب التشويق والدراما والمطاردات والفكاهة في فيلمَيGone Baby Gone وThe Town، لكنه ارتقى إلى مستوى جديد في فيلم Argo.

يُعتبر هذا الخليط الناجح من الرعب القاتل والإهانات الشخصية والوطنية وجرأة هوليوود أحد أفضل الأعمال لهذه السنة.

Argo مقتبس من قصة حقيقية حصلت خلال أزمة الرهائن مع إيران بين عامي 1979 و1980. هرب ستة أميركيين من قبضة الإيرانيين واختبأوا في مقر السفارة الكندية. أرادت وزارة الخارجية الأميركية جعلهم يتنكرون ويهربون من البلد على دراجات هوائية. لكن طرح عميل في وكالة الاستخبارات المركزية فكرة أفضل: «أعطوهم نظارات شمسية وليقدموا أنفسهم كمخرجين من هوليوود يبحثون عن مواقع تصوير لإنتاج نسخة من سلسلة Star Wars» (على أن يكون فيلماً من الخيال العلمي تدور أحداثه في الصحراء).

«إنها أفضل فكرة سيئة» من بين الأفكار المطروحة أمام كبار المسؤولين (فيليب بيكر هول وبوب غنتون). لذا حصل توني منديز (أفليك) على الضوء الأخضر لتنفيذ فكرة جنونية يسهل اقتباسها من فيلمBattle for the Planet of the Apes الذي كان ابنه يشاهده. يجب تنفيذ الخطة بسرعة. بدأ الإيرانيون يقتربون من الأشخاص الهاربين. يجب أن يبدو العمل صادقاً ومنطقياً. لذا لا بد من الاستعانة بأسماء «حقيقية» لامعة من هوليوود. كان خبير الماكياج الفني الحائز جائزة أوسكار جون تشامبرز (جون غودمان هو الخيار المثالي) على تواصل قديم مع وكالة الاستخبارات المركزية. يجلب معه المنتج ليستر سيغل الذي يؤدي دوره الممثل العظيم ألان أركين.

كان يسهل أن يحوّل أفليك وكاتب السيناريو كريس تيريو هذه الحكاية الجنونية إلى مهزلة فعلية. وقد كانت مشاهد هوليوود ساخرة وسخيفة وعشوائية فعلاً. تشمل الموسيقى التصويرية أغاني روك مناسبة، ويبرز بعض المشاهد التقليدية المبتذلة كما يحصل حين يسأل أحد العملاء عن سعر سيناريو فاشل بعنوان Argo.

يؤدي غودمان دور خبير قديم سئم من بلدة تعج بالكاذبين والمحتالين وتفتقر إلى المواهب. أركين هو شخص عنيد فقد نجوميته وهو مسؤول عن ابتكار الأفكار كي تبدو الخطة حقيقية («حتى لو كنتُ أحضّر فيلماً مزيفاً، فسيكون فيلم الموسم!}).

لكن لا يغفل أفليك عن إظهار الظروف المحيطة بهذه الخطة المزيفة والجنونية. تُستعمَل موسيقى نشرات الأخبار في مشاهد عدة ونشاهد رسوماً تصويرية تجسد تعذيب الرهائن، والمشاحنات، والرعب المتلاحق على مر الأيام، وخوف الأشخاص المختبئين (من بينهم تيت دونوفان، وكلي دوفال، وكيري بيشي، وسكوت ماكنيري).

تُضاف إلى تلك العوامل مشاهد يظهر فيها الثوار الباردون وهم يطاردون الأميركيين وحلفاء الشاه السابق والأطفال الإيرانيين ويسعون إلى تجميع قصاصات الصور التي تسمح لهم بتحديد شكل الأميركيين المفقودين.

بدت التفاصيل المتلاحقة في مكانها. شعر الباحثون عن موقع التصوير بالرعب لدرجة أنهم وجدوا صعوبة في إخفاء خوفهم وعدم إشاحة نظرهم في الأماكن التي يجب أن يراقبوها ويدونوا الملاحظات فيها ويلتقطوا الصور.

يؤدي أفليك دور الجاسوس الحذق، فلا يرفع صوته لإقناع الآخرين بالانضمام إليه في خطته الخطيرة ولا يتفاخر بنفسه مثل أي عميل سري نراه في الأفلام الأخرى، بل إنه كان دائم القلق والخوف ولكنه بقي مستعداً للذهاب حتى النهاية في خطته. إنه أداء ذكي ومتّزن أمام ممثلين آخرين مثل غودمان وأركين وبراين كرانستون الجامح، رب عمله في وكالة الاستخبارات المركزية، والمسؤول عن إقناع الأميركيين بالوثوق به وائتمانه على حياتهم.

لكن ماذا عن الممثل وراء الكاميرا، ذلك الشخص الذي نجح بكل براعة في اختصار التاريخ الإيراني الأميركي وعرض حادثة اقتحام السفارة في ذلك اليوم المريع خلال افتتاحية الفيلم المشوّقة طوال 12 دقيقة؟ ماذا عن ذلك الشخص الذي بدأ العد التنازلي لصدور هذا العمل المشوّق العظيم؟ هو ليس سيئاً بأي شكل!

بل إنه شبه مثالي!

back to top