طبعاً... إنها حربٌ أهلية!

نشر في 31-10-2012
آخر تحديث 31-10-2012 | 00:01
 صالح القلاب يُنسب إلى الأخضر الإبراهيمي أنه سمع عبر قناة تلفزيونية أن سيدة سورية شَكَت أن أحد أولادها يحارب في الجيش النظامي وأن الآخر يحارب في الجيش السوري الحر، وأنه بناءً على ذلك قد تساءل: "إنْ لم تكن هذه حرباً أهلية فما هي الحرب الأهلية إذاً"؟! وحقيقة أن هذا "الاكتشاف" للمبعوث العربي والدولي (الجديد) قد جاء متأخراً كثيراً وأنه كان على سلفه كوفي أنان أن يدرك هذه المسألة منذ بداية مهمته وكذلك الأمر بالنسبة للجامعة العربية، وذلك لأن معالجة حربٍ أهلية تختلف كثيراً عن معالجة "شغب" عام أو مواجهة عصابات خارجية مسلحة كما بقي يقول النظام.

عندما تكون هناك حربٌ أهلية فإن الحلول يجب أن تتركز على طرفين أحدهما النظام ومرتزقته وأعوانه والمستفيدون من وجوده وأيضاً "حزبه"، والثاني هو الشعب الذي يواصل الإصرار على التخلص من هذا النظام والذي وصل إلى مرحلة اللاعودة، وهذا يقتضي أن يكون هناك تدخل عسكري خارجي كالذي حصل في "رواندا" وكالذي حصل في الكونغو وكالذي حصل في البلقان كي يتم حسم الأمور بالقوة، وكي يستطيع هذا الشعب تحت إشراف دولي أن يقرر مصيره بنفسه من خلال انتخابات ديمقراطية.

إن مماشاة "وسطاء الخير" لبشار الأسد قد كلف الشعب السوري عشرات الألوف من القتلى (الشهداء) وأضعاف هذه الأعداد من الجرحى والمفقودين والمعتقلين، وإن تبني روسيا والصين وبالطبع إيران للرواية الرسمية السورية القائلة بأن ما يجري هو مواجهة بين نظام شرعي ومجموعات إرهابية قادمة من الخارج! هو الذي أوصل الأوضاع إلى نقطة اللاعودة هذه، وهو الذي جعل الأمور في ظل كل هذه المبادرات وكل هذه الوساطات، التي ولدت كلها ميتة، تبقى تدور في حلقة مفرغة بينما المذابح مستمرة ولم تتوقف لحظة واحدة.

الآن يطرح وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف على الإبراهيمي ما كان طرحه على كوفي أنان، وهو أنه لا حلَّ إلا ما جاء في مؤتمر جنيف المعروف، ولعل ما لا يعرفه حتى بعض الذين تعنيهم هذه المسألة أن عقدة هذا المؤتمر هي أن الروس أصرُّوا على مسألتين: الأولى أن يشرف بشار الأسد على المرحلة الانتقالية التي هي أحد بنود خطة المبعوث العربي والدولي السابق، والثانية أنه يحق له أن يرشح نفسه للرئاسة مرة أخرى في الانتخابات التي من المفترض أن تكون نهاية هذه المرحلة الانتقالية.

ولهذا ومادام بشار الأسد لم يلتزم حتى بهدنة عيد الأضحى التي باركتها الجامعة العربية وباركتها الأمم المتحدة وباركها مجلس الأمن بدون اعتراض روسيا ولا الصين، والتي باركتها كذلك إيران ومادام الموقف الروسي لم يتزحزح عما كان عليه ولو بمقدار قيد أنملة، فإنه لا يمكن فهم كل هذه الوساطات إلا على أنها مجرد إعطاءٍ المزيد من الوقت لهذا النظام كي يقتل المزيد من السوريين، وكي يدمِّر المزيد من المدن والقرى والبلدات السورية، وكي يطيل أمد كل هذا التوتر الذي تعيشه هذه المنطقة كلها، ولذلك يجب وقف هذه المهزلة والبحث عن طريق آخر غير هذا الطريق، ولذلك أيضاً يجب التفكير جدياً، حتى لا يغرق الشرق الأوسط كله في هذا المستنقع، في أي شكل من أشكال التدخل العسكري إنْ في هيئة التدخل في كوسوفو أو في أي هيئة أخرى بإمكانها وضع حدٍّ لكل هذه المذابح المتواصلة.

back to top