"تخلص من همومك بوضعها في جيب مثقوب". مثل صيني.
نتابع كمهتمين بالأحداث السياسية والمتسارعة بشكل غير مسبوق انفتاح علم السياسة على العلوم الاجتماعية وعلم النفس وعلم الإدارة، أو بمعنى آخر وأصدق "غزو" متخصصي الإدارة وعلم النفس والاجتماع عالم السياسة مؤخراً، الأمر الذي أدى إلى تجديد في المصطلحات والأنساق، وساعد في الخروج من القوالب النظرية المغلقة إلى الكتابات العملية.وليس في الشأن المحلي فقط بل في التحليل الخاص بالسياسة الخارجية والشأن الدولي، وخير مثال على ذلك تباين الأنساق التحليلية للسياسة الخارجية الأميركية مؤخرا، أنه بعد فوز أوباما بفترة رئاسية أخرى انطلقت المراكز البحثية بكل ألوانها وأشكالها لتتنبأ بالصورة المستقبلية ومسار السياسة الخارجية الأميركية، فبدأ المركز الاقتصادي للإيكونوميست باستخدام العامل الجيوستراتيجي مؤشراً للأحداث المستقبلية، والاتجاه الجديد في السياسة الخارجية الأميركية نحو الحلفاء الجدد في جنوب آسيا وشرقها، والتي أشار إليها أوباما في مناظرته الثالثة أمام خصمه الجمهوري كمحور للاهتمام المستقبلي للولايات المتحدة.وعلى الطرف الآخر ربطت مراكز أخرى فوز أوباما بالتأثير مباشرة في السلوك الانتخابي للناخب الإسرائيلي، وبالتالي التأثير مباشرة في الخارطة الانتخابية الإسرائيلية وانتخابات يناير، أما علماء النفس فأشاروا إلى أوباما بأنه ديمقراطي مثالي ويلسوني، يفضل نسج الشبكات من الدول الصديقة لمواجهة الدول المنافسة.ونتساءل اليوم لماذا دول الشرق؟ لماذا أعطيت تركيا الدور المحوري في قضايا الشرق الأوسط؟ هل بسبب ضعف جامعة الدول العربية في الفترة الحالية؟ فالمتابع لمؤتمر وزراء الخارجية العرب يشعر بأن الربيع العربي الشمال إفريقي رغم رفعه لغطاء الحريات والديمقراطية فإنه أنهك قوى المؤسسات الدبلوماسية وجعلها في أضعف حالاتها.واليوم تتضح جهود الإدارة الأميركية في نسج علاقة متجددة مع حلفائها كتايلاند، حيث تمثل الولايات المتحدة ثالث أكبر شريك تجاري لها بعد الصين واليابان وميانمار، وكمبوديا التي تنتظرها سلسلة من الملاحظات حول حقوق الإنسان، وبذلك يصبح أول رئيس أميركي يزور بورما بعد طي صفحة الحكم العسكري، فهل سيجد الخلاص لهمومه ويحملها كما يقول الصينيون في جيب مثقوب؟باعتقادي أن الزيارة تأتي كجزء من إستراتيجية واسعة لمواجهة النفوذ المتزايد للصين، وللأكاديميين من عشاق النظريات هناك إمكانية لاستخدام "نظرية نسج الشبكات" من الدول الصديقة لتعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية، والتي قمت بتحليلها شخصيا قبل فترة، وأشار إليها جوزف ناي في كتاباته عن العولمة ومفاهيم القوى. خير مثال خليجي على نسج شبكة العلاقات في اتجاه الشرق هو استضافة الكويت للمؤتمر الآسيوي الأول قبل عدة أسابيع، ودخولها كمحور من محاور الشرق.وأخيراً لا شك أن اتجاه الولايات المتحدة إلى الشرق جزء من نقل ثقل السياسة الخارجية بعيداً عن الشرق الأوسط في الوقت الذي ضعفت من خلاله الجامعة العربية، وازدادت جاذبية أستراليا وتايلاند وكندا في الاقتصاد والطاقة... فهل ننقذ الموقف؟كلمة أخيرة: كلمة عتب أوجهها إلى اللجنة المنظمة لمعرض الاختراعات الخامس بالشرق الأوسط الذي تستضيفه الكويت، وذلك بعد متابعتي خبراً صحافياً أشار إلى استبعاد 450 اختراعاً من المشاركة بالمعرض بحجة أنه مناف للعادات والتقاليد!!يا جماعة إذا المشروع مصنع خمور والعياذ بالله اشترطوا عليهم تحويله إلى مصنع للعصير بدلاً من إلغاء مشاريعهم.
مقالات
أوباما يتجه إلى الشرق
21-11-2012