زعماء وحَّدوا المصريين ورؤساء فرَّقوهم
«عشيرة» مرسي الأخطر... والرئيس «المؤمن» هدم الوطنية
يتذكَّر المصريون هذه الأيام، وهم مقبلون على توترات سياسية هائلة بعد صدور الإعلان الدستوري الذي يمنح الرئيس محمد مرسي صلاحيات تحصِّنه وتحصِّن قراراته، الزعماء التاريخيين، الذين استطاعوا أن يوحِّدوا الأمة، في أحلك لحظات حياتها، من دون إراقة نقطة دم واحدة.فقد دعا حزب "الحرية والعدالة"، الذراع السياسية لجماعة "الإخوان المسلمين" التي تعتبر نفسها "عشيرة الرئيس"، إلى تظاهرات اليوم لمواجهة مصريين معترضين على القرارات في نفس الميدان، الأمر الذي يعد دعوة لحرب أهلية.
تاريخياً كان الزعيم سعد زغلول، الذي قاد ثورة 1919، أبرز القادة السياسيين الذين وحَّدوا المصريين خلف شعار "الدين لله والوطن للجميع"، حيث واجه بشراسة مخطط الاحتلال الإنكليزي، الذي استمر 72 عاماً، لتمزيق الأمة إلى مسلمين وأقباط انطلاقاً من الحكمة السياسية البرغماتية " فرَّق تسُد"، وقد نجح في توحيد مصر وقتها وقاد الثورة، التي كانت الركيزة التي تحرَّكت منها سياسة مصر الحديثة، حتى "حركة" الضباط الأحرار 1952. وقبل سعد زغلول، كان الزعيم الراحل أحمد عرابي (تٌوفي 1911) تصدى لحكم الخديوي توفيق وقاوم استعباده وتجبره على البسطاء ووحد القوات المسلحة تحت رايته لمقاومة دخول الإنكليز للبلاد، أما الزعيم مصطفى كامل (تٌوفي 1908) فقد نهض في لحظة تاريخية صعبة ضد الاحتلال الإنكليزي ووحد الشعب مطالباً بإعادة إنشاء الجامعة الإسلامية.المؤسف أن التفرقة بين المصريين على أساس الدين، عُرفت كسلاح في يد دولة ما بعد الاستقلال، خصوصاً في عهد الرئيس أنور السادات، الذي لقب بالرئيس "المؤمن"، وأطلق مقولته الشهيرة: "أنا رئيس مسلم لدولة مسلمة"، على الرغم من الموقف الوطني للبابا الراحل شنودة الثالث، الذي رفض زيارة القدس مع الرئيس في "معاهدة السلام" اتساقاً منه مع موقف القوى الوطنية، وقال إنه لن يزورها إلا بصحبة أشقائه المسلمين بعد تحريرها.وفي عهد الرئيس السابق حسني مبارك زادت الفتن الطائفية واتسعت الهوة بين المسلمين والأقباط، وكاد يتسبب في تمزيق المجتمع كله، حينما دعا أنصاره لمواجهة المتظاهرين في التحرير بالقوة ما كان سيدخل البلاد في حرب أهلية لولا أن الشعب المصري ببساطته المعهودة تغلب على الأمر بأن التزم بيته وترك الميدان لأهله حتى انتهت الثورة بتأييد الشعب كله لها وتنحيِّه عن السلطة، ثم محاكمته وسجنه.