نجح مسلسل ساهر الليل في لمّ شمل الأسر الكويتية على مدى شهر رمضان المبارك على تلك الذكريات بمرّها وحلوها بعد أكثر من عشرين عاماً تبددت خلالها تلك الصور المشرقة، ومزقت بذور الفتنة والمصالح الضيقة تلك الصفحة الرائعة التي سطرت حقيقة التلاحم ونقاء النفوس وامتزاج الدم الكويتي بكل فصائله على منحر الوطنية.

Ad

تحية كبيرة لأسرة ساهر الليل بدءاً بالطاقم الفني والإداري وانتهاءً بفريق الإنتاج والإخراج على هذا العمل المبدع في موضوعه وتوقيته وأدائه.

وقد قلنا كغيرنا وفي مناسبات عديدة، إن جريمة الغزو العراقي للكويت في عام 1990، وبقدر ما حملت من الآلام والمصائب وصور الغدر المختلفة، فإنها عكست تلقائية الكويتيين في حبهم لبلدهم ولبعضهم بعضاً، وبقدر ما كانت تزيد الآلام السوداء كانت القلوب تزداد بياضاً وصفاءً، وكما كان الاحتلال كابوساً للجميع كان التحرير عيداً للجميع.

ونجح مسلسل ساهر الليل في لمّ شمل الأسر الكويتية على مدى شهر رمضان المبارك على تلك الذكريات بمرّها وحلوها بعد أكثر من عشرين عاماً تبددت خلالها تلك الصور المشرقة، ومزقت بذور الفتنة والمصالح الضيقة تلك الصفحة الرائعة التي سطرت حقيقة التلاحم ونقاء النفوس وامتزاج الدم الكويتي بكل فصائله على منحر الوطنية.

وأجزم بأن الآلاف من العوائل الكويتية التي تابعت حلقات هذا العمل الفني الوثائقي الجميل، وهي aمجتمعة بكبارها وصغارها كانوا أمام تساؤلين تقاسمهما كل جيل، فمن شهد أحداث الغزو كان يعتصر قلبه مستغرباً كيف تغيرنا، وماذا حدث لنا، وأين تلاشت تلك المعاني الأصيلة، ومن الذي غيرّ تلك المشاهد الغنية بالحب والإيثار والتكافل إلى مشهد قاتم ومقلق وحزين؟

أما الصغار فلم يخرج تساؤلهم الأول والأخير عن نطاق محاولة تصديق ما حملته مشاهد المسلسل من تجسيد المواقف والأحداث، ولعل السؤال المكرر كان ينحصر في جملة واحدة يوجهونها للكبار: «صج كانوا الكويتيين جذي؟»، والطامة الكبرى أن هؤلاء الصغار لم ولن يصدقوا تلك الحقيقة، بسبب ما يرونه ويسمعونه ويقرؤونه يومياً من قصص وتصريحات وحتى سوالف أقرب المقربين لهم!

ولكن والفضل يعود إلى ثلاثين حلقة تمثيلية بأن هؤلاء الأطفال والشباب على الأقل عاشوا حلماً جميلاً عن بلدهم وشعبهم يوماً من الأيام!

والسؤال إذا كان عمل فني بهذا المستوى قد هزّ مشاعر الناس وحرّك فيهم ذلك الضمير المستتر الذي خطفته الأهواء والتعصب والحقد، فما بالك لو قامت الحكومة بمبادرات على مستوى الإعلام والتربية والأوقاف وهي المسؤولة عن ذلك، لانتشال الناس من مستنقع الفتنة الذي غرقت في وحله.

والسؤال الأخطر، إذا لم تحرّك تلك المشاهد وما تخللتها من صور وثائقية وأسماء الشهداء مشاعر وضمائر البعض، وفي أجواء ورحاب شهر رمضان المبارك، من أمثال الذين يتحفوننا بتصريحاتهم المقيتة والداعية إلى الفتن والشرّ، ومزيد من الانشقاق والتمزق، فأنى لمثل تلك القلوب أن تحيا؟ ومتى تعقل تلك الضمائر الحاقدة؟ أم أنها صارت مصداقاً لقول الله تعالى: «ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب أليم»؟!