ما لم تقله ليلى

نشر في 30-09-2012
آخر تحديث 30-09-2012 | 00:00
 ناصر الظفيري أعرف حساسية أن يتحدث الكاتب أو الأديب عن شخصه في محاضرة عامة تجعل الآخرين يتهامسون حوله متهمين إياه بمديح نفسه وإبداء الإعجاب بذاته وبعمله وما قدمه للآخرين. ويمثل الابتعاد عن الشخصي سمة من سمات تكوين شخصيتنا العامة والخاصة. ورغم اعتراضنا على ذلك لأن ما يقدمه الكاتب عن عمله مع الآخرين لا يدخل في الشخصي وإنما يشكل رافدا من روافد العمل الجماعي ودور الكاتب في ذلك العمل. ولو أن أحد الحاضرين استطاع أن يستفز الكاتبة ليلى العثمان في محاضرتها ليسألها ماذا قدمت أنت لدعم الموهوبين من الشباب وأنت أحد أعلام الثقافة الكويتية لربما أيضا تواضعت ليلى وامتنعت عن الاجابة، لذلك سنجيب نحن عنها.

في الأسبوع الماضي تحدثت عن تجربة المجموعة الأدبية التي أنشئت في جامعة الكويت في بداية الثمانينيات، وكان الموضوع بعيدا عن موضوع دعم الشباب الناشئ، ولكن ليلى العثمان تحديدا لها تجربة خاصة وفريدة مع هؤلاء الشباب في ذلك الزمن. كنا أعلنا في المجموعة الأدبية ذات يوم عن أمسية قصصية في مدرج من مدرجات الجامعة في كلية العلوم. ولم ندع أحدا من خارج الجامعة لكننا علّقنا اعلانات متواضعة على جدران الكليات ونقل أحد الصحافيين الخبر لجريدة من الجرائد، وكانت السيدة ليلى العثمان تجلس في أول صف تتوسط حضورا من الطلبة والطالبات دون أن نقدم لها دعوة شخصية أو اتصالا من أحد أعضاء المجموعة لأننا لم نكن نعرفها في ذلك الوقت شخصيا وان كنا نعرفها ككاتبة.

كانت فرحتنا بحضورها كبيرة جدا واستمعنا اليها بعد الأمسية وهي تناشدنا أن نتواصل أكثر مع الكتاب وأن نخلص للقراءة أكثر من اخلاصنا للكتابة. سألتها في ذات الأمسية أن تكون ضيفة في محاضرة عن تجربتها الأدبية ورحبت بسرعة. كان حضورها يمثل لنا دعما مهما وحضور جمهورها هو اعلان لوجودنا لمن هم خارج أسوار الجامعة. طمعنا أكثر واقترحنا عليها أن يشاركها الأمسية أستاذان من كلية الآداب ولم تتردد واستمعنا واستمتعتنا بتواجدها بيننا وربما أخذنا الغرور يومها واعتبرناها أحد أعضائنا. لم تغب ليلى أبدا عن أمسية من أمسيات الشباب الا اذا تواجدت خارج البلاد. كانت دائما تجلس تستمع لما نقوله باهتمام ولم تمنعها بداياتنا أو سذاجتنا أحياناعن الحضور أو عن الاستمرار في الايمان بما نكتب. تتحدث بعفوية مطلقة خالية من الأستذة والفوقية وكأنها أحدنا.

ليلى العثمان كانت الوحيدة في ذلك الوقت من أبناء جيلها التي أخلصت للقصة القصيرة وهو مجالها الأول وللكتاب الناشئين لها. لا أتذكر اسما من أسماء الأخوة الذين سبقونا في الكتابة واظب على الحضور الدائم كما أخلصت ليلى العثمان. وكانت دائما تذكرّنا بتجربتها والقسوة التي تعرضت لها في بداياتها والتي لم تزدها الا اصرارا على مواصلة الكتابة لتحقق ما حققته من شهرة تستحقها. منحنا تواجدها معنا جرأة في أن نواجه الجمهور خارج الجامعة دون أن تتحدث يوما ما عن ذلك الدعم ودون أن تسنح لنا الفرصة لنعترف لها بذلك الجميل.

تلك كانت فترة مهمة من حياتنا نحن الشباب حينها ساهمت فيها ليلى العثمان بصمت واخلاص دون أن تنتظر شكرا من أحد وما أملكه هنا ليس أكثر من كلمة شكرا ليلى العثمان.

back to top