- نعتبر عدم قول الحقيقة من قبل خصومنا بأنها كذبة وتدليس وتشويه للحقيقة، وأنها من الكبائر التي تستلزم الجلد والنبذ والنفي، ونعتبر كذبة الأصدقاء بأنها تكتيك واستراتيجية ودهاء وحنكة.

Ad

- نقبل بأن يكون لنا رأيان في قضية واحدة تتغير بتغير الأشخاص أو المواقع فقط، ونسمي ذلك مواءمة، ونتحجج بالظروف والمعطيات، وعندما يمارس الغير أسلوبنا ذاته نعتبره نفاقاً ونردد الآيات والأحاديث في نقده.

- نعمم جريمة قتل فردية بشعة على فئة تحوي أكثر من 100 ألف إنسان، ونصنف كل الفئة بالمجرمين والقتلة و"اللفو" والرعاع لمجرد أننا لا نحبهم، في حين لا نعمم على أسرة واحدة نحبها جرائم أبنائها كالاختلاس والقتل، ونشدد بل نحارب لنثبت أنها أمور فردية لا يجوز تعميمها.

- لا نبالي أن يعيش بيننا بشر بلا هوية ولا تعليم ولا صحة ولا سكن ولا وظيفة لمدة خمسين عاماً، ونكتفي بقول "خل يطلعون جناسيهم" وكأن الإنسانية مقرونة بجنسية وهوية، وفي نفس الوقت نطالب بإسقاط القروض عن المواطنين، ونستنزف أموال الدولة كي لا نثقل كاهل المواطنين مادياً، حتى إن كانت قروضهم من أجل سيارة فارهة وإجازة سياحية.

- تزهق روح شابة بريئة أمام مرأى الناس في أكثر الأماكن ازدحاماً بالكويت، فنتسابق لتصوير الضحية وإرسال صور الجريمة البشعة بكل وسائل التواصل وسبلها لنحقق السبق السخيف.

- نردد "ملّينا" من الفساد وتراجع الأحوال في البلد، وتفشي "الواسطة" والمحسوبية في كل القطاعات، ثم نعتبر من يخلص لنا معاملة أو يزوّر لنا عذراً طبياً أو يستثنينا من طابور أو يعيننا في وظيفة يوجد من يستحقها أكثر منا بأنه "راعي نخوة وما قصّر".

- نعامل الناس وفق مناطقهم، ونعتبر من لا يدل الفيحاء أو اليرموك بأنه ليس من أهل الكويت، ونقبل في الوقت نفسه بأن نضل الطريق للوصول إلى تيماء أو صباح الناصر، بل قد نتفاخر في ذلك.

- نرحب بكل شكل من أشكال القانون في الخارج، ونلتزم به أكثر من أهل البلد أنفسهم، وعندما يطبق علينا القانون في بلدنا نردد "شمعنى إحنا".

- نشاهد رجلاً يُسحل وآخر يُقتل وثالثاً يُعذَّب ورابعاً يهان فنردد دون خجل "زين يسوون فيهم"، وعندما يحاول البعض استنكار هذا الوضع بطرق مشروعة نسميهم غوغائيين.

- نطالب بتعيين الكفاءات ونذهب إلى شراء الشهادات الجامعية من الخارج.

تلاشي الأخلاق مشكلتنا وأزمتنا، وما سبق مجرد شواهد على ما أقول، العلة ليست بمرسوم أو صوت واحد أو أربعة أو حكم قضائي أو احتجاز أو ضرب، مشكلتنا أخلاقية بائسة لن تستقيم معها الحال والأخلاق في تردٍّ وانحدار مستمر، ولا نحرك ساكناً لتقويمها بل نعزز تلاشيها حتى نكمل تكوين الغابة قريبا.

كل السلوكيات التي نعانيها هي مجرد تفاصيل لأزمة حقيقية عنوانها الأخلاق، وتقويمها الأساسي هو التعليم والتربية، فالدولة تمتلك فرصة مقدارها الـ14 سنة الأولى من عمر الإنسان من رياض الأطفال إلى التعليم الثانوي نستطيع من خلالها أن نرسم بل ننحت الهوية والأخلاقيات التي نريد على أبنائنا، فنشكّلهم كما نريد، لنقدم للدولة هوية أخلاقية حميدة لكننا لا نفعل، وكما هو واضح لن نفعل للأسف.