النائب الدكتور فيصل المسلم عبر قبل أيام عن حزنه الشديد لما آلت اليه الأوضاع الاقتصادية والسياسية في البلاد، فقال: "إنه كلما زار إمارة دبي وشاهد التطور فيها تثار لديه مشاعر الألم والحسرة على واقع الكويت ومستقبلها، وإن استمرار نهج الفردية هو أساس العلل في إدارة شؤون البلاد!"

Ad

كلام النائب الفاضل، رغم إيماننا بصدق ألمه وحسرته، يثير الضحك والبكاء في آن واحد، وهو مصداق لقول الشاعر:

إن كنت لا تدري فتلك مصيبة

أو كنت تدري فالمصيبة أعظم!

فالتطور في دبي يا سيادة النائب سببه "فردية" القرار، الذي يتيح المرونة لعملية التطور وسرعة إنجاز المشاريع وعدم تعطلها سنوات، والقرار قرار رجل واحد لا ضجيج حوله ولا تهديد باستجواب على الطالع والنازل من قبل 50 نائباً يتدخلون في كل صغيرة وكبيرة في عمله، ويقومون كل يوم بابتزاز وزرائه وفرض أجندتهم الخاصة عليهم، ليس لديه من يشغله بصراعات قبلية ومذهبية وعنصرية ليل نهار من أجل مصالح انتخابية، ليس لديه نواب يتبادلون الظهور كل يوم على شاشات التلفزيون أكثر من المطربين والممثلين دون فائدة ترجى سوى الهذرة على رؤوسنا بكلام مللنا سماعه دون أن نرى إنجازاً يستحق الذكر على أرض الواقع، ليس لديه نواب "الضوابط والثوابت والمحرمات" التي لها أول وليس لها آخر، والذين لو تسلموا زمام الأمور في إمارته لعام واحد فقط سيرجعونها إلى عهد الستينيات والسبعينيات يوم لم يكن لها ذكر عند أحد في العالمين!

نعم يا سيدي النائب، فردية القرار أحياناً، وكما هو حاصل في دبي، خير ألف مرة من جماعيته إن كان الجماعة من أهل الصراخ والجدل بلا طائل، كما هو حاصل عندنا، والممارسة الديمقراطية تكون في مصلحة الوطن والمواطن إن تمت بطريقة صحيحة، أما إن كانت ممارسة فاسدة وملتوية وداعمة لما يحد من حرية الفرد وينتهك حقوقه فإنها تكون وبالاً على الجميع!

إن أهم أسباب تطور دبي ونموها في الآونة الأخيرة هو وجود قيادة قادرة على التفكير بعقلية خلاقة وخارج كل النمطيات التقليدية الجامدة، بل وخارج المرحلة الزمنية أحياناً، يدعمها شعب لا يشغل رأسه بتفاهات القبلية والمذهبية والفئوية، فكان الناتج خلال سنوات قليلة مشاريع نحتاج بوضعنا الراهن إلى قرون كي ننجزها مثل مدينة العرب، ونخلة جبل علي، ونخلة ديرة، ومجمع محمد بن راشد للتكنولوجيا ومدينة دبي الصناعية، ومجمع دبي للاستثمار، ومدينة الطاقة، والمدينة الأكاديمية، ومجمع البيوتكنولوجي، ودبي لاند، وغير ذلك من المشاريع الحيوية التي تشبه في سرعة إنجازها "ويا سبحان الله" مشاريع استاد جابر ومستشفى جابر وجامعة الشدادية وغيرها من المشاريع التي يتصارع عليها المتصارعون، ويتنافس عليها المتنافسون في بلد الديمقراطية و"إلا الدستور"!

ما الذي استفدناه يا سيادة النائب من وجود مجلسكم سوى تعطيل المشاريع وإشغال البلد في صراعات لا تنتهي؟! ما الذي استفدناه سوى أننا بفضل ممارساتكم الخاطئة وألفاظكم النابية واستجواباتكم الفارغة أصبحنا في مؤخرة الركب بين الدول الخليجية بعد أن كنا في مقدمته؟!

يا سيدي إن كانت "الفردية" ستصنع لنا بلداً وتمنح لنا حرية وتجعلنا أكثر انفتاحاً على العالم فأهلاً بها، وإن كانت "الجماعية" سترجعنا خطوات للوراء، وتدخلنا في صراعات سياسية واجتماعية، وتحد حريتنا وتحولنا إلى بلد منغلق ومتخلف فلا أهلاً بها ولا بمخرجاتها من "نوائب" الدهر!