لا يختلف استجواب وزير الداخلية عن سابقه من حيث الانتقائية المتعمدة في أحد أهم الملفات الحساسة التي تشكل عصب السيادة والقانون، وسواء كانت قضية الاستجواب مفتعلة أم عفوية فإن نتيجتها واحدة وهي بقاء الوضع في ملف الجنسية على ما هو عليه، وتحويله إلى جنازة يلطم عليها من شاء ووقتما شاء للتكسب السياسي والانتخابي.

Ad

استجواب وزير الداخلية في سيناريو كلاكيت ثاني مرة لا يأتي استحقاقه في رأيي من باب أن الاستجواب الأول التاريخي والماراثوني الذي سهّر الشعب الكويتي لمدة دقيقة ونصف، والذي انتظرته الأمة بشغف لمدة أربع سنوات، ولم يتسع الوقت لشرح مضامينه التفصيلية، ولكن بسبب «الزف» والإهانة و»التمسخر» الذي تعرض له النائب المستجوب نفسه، فحوّل نفسه إلى أضحوكة سياسية بلا منازع! ولهذا فإن الاستجواب الثاني ومن نفس النائب إلى الوزير نفسه وبنفس المحاور هو مجرد ترقيع لذلك الفشل الذريع، ليس في مناقشة مادة المساءلة أيضاً ولكن لشخصيته وحالته النفسية التي يرثى لها، فحتى الاستجواب الجديد محكوم عليه بالفشل مقدماً ولن يقدم الوزير استقالته من فوق المنصة، ولن تكون هناك ورقة طرح ثقة ولا توصيات، وإنما لتحريك المياه الراكدة في فتنة الحضر مقابل البدو والغضب الحضري على صاحبهم الذي فشّلهم في العرض الأول أو بسبب هاجس حل مجلس الأمة من جديد! أما مضمون هذا الاستجواب وبقراءة سريعة فلا يختلف عن سابقه، من حيث الانتقائية المتعمدة في أحد أهم الملفات الحساسة التي تشكل عصب السيادة والقانون، وسواء كانت قضية الاستجواب مفتعلة أم عفوية فإن نتيجتها واحدة وهي بقاء الوضع في ملف الجنسية على ما هو عليه، وتحويله إلى جنازة يلطم عليها من شاء ووقتما شاء للتكسب السياسي والانتخابي. فإفراد حالة تحويل واحدة لجنسية مواطن من قبيلة مطير من التجنيس إلى الصفة الأصلية هي قمة الازدواجية في حد ذاتها، وجريدة «الكويت اليوم» الرسمية طفحت في السنوات الأولى بعد التحرير من حالات تعديل الجنسية الكويتية إلى المادة الأولى ومن مختلف الشرائح بما فيها عوائل كريمة من الحضر، فلماذا لم يستشهد فيها في صحيفة الاستجواب؟! وحالات التجنيس في الدفعات جميعها لم تخلُ من مفارقات عجيبة وغريبة منها على سبيل المثال لا الحصر أنه تم في معظم العوائل حرمان أحد أبنائها من الجنسية، كما أن حالات كثيرة من المستحقين للجنسية وبإثباتات قاطعة وقديمة تم تجاهلهم أو استبدولوا بغيرهم، والأكثر من ذلك أن البعض ممن يحبون تسمية الدماء الزرقاء قد توسطوا لمنح الجنسية لحالات لا يعلم مدى استحقاقهم إلاّ الله ونجحوا في ذلك! إن إصلاح ملف التجنيس بحاجة إلى تشريعات واضحة وشفافة ومعايير محددة، وإذا كانت القضية تستحق المساءلة فيجب أن يتصدى لها العقلاء والمنصفون من طلاب الحق والمخلصون من أجل المصلحة الوطنية!