المجلس العسكري رأس البلاء أم رمز الوفاء؟

Ad

يؤمن 90% من المصريين أن المجلس العسكري هو رأس البلاء لثورة يناير وما أصابها وأنه المتسبب فيه، فهو سبب كل الإحباطات والإخفاقات التي أصابت ثورة يناير، وهم غاضبون لذلك، بينما يرى البعض- خاصة في الخليج- أن المجلس العسكري رمز للوفاء لقائده المخلوع وهم يفرحون لذلك، وبين الغضب والفرحة مسافة ليست قصيرة.

سبق الحديث عن دور المجلس العسكري وتأثيره في القضاء في المقال السابق، واليوم نتحدث عن الدور السياسي له وتلاعبه بالشعب المصري وآماله في القضاء على النظام الفاسد المخلوع وبداية عهد جديد دفع ثمنه أكثر من 1000 شهيد و10000 مصاب من الثوار.

مشكلة المجلس العسكري الأولى والأخيرة أنه يخشى المحاكمة ويخاف الحساب؛ لذلك سعى ويسعى بكل ما أوتي من قوة إلى ضمان وجود قوة سياسية (رئيس جمهورية) تحقق له ذلك، ولا يوجد رئيس محتمل أو غير محتمل يمكنه التصريح بذلك، ولا يمكن للمجلس العسكري أن يسعى إلى ذلك علانية، فيقوم بتحالفات سرية تارة مع اليمين الإسلامي وأخرى مع بقايا النظام القديم... من خلال الإشارة إلى تأجيل الانتخابات تارة أو تأكيد إجرائها في ميعادها مع ضرورة وضع الدستور أولا تارة أخرى.

أي أنه يحاول جاهدا- ونجح في ذلك- إحداث فوضى سياسية عارمة تشمل جميع القوى السياسية والحزبية، بل شملت المواطنين جميعا، فلم يعد أحد يدري ماذا سيحدث غدا؟ وما المتوقع؟ وما السيناريو الذي يضعه المجلس العسكري وينفذه؟ وغرق الجميع في مناقشات وخلافات لا تنتهي في أمور كان من المفترض أن تكون محسومة ومنتهية، ولكن المجلس العسكري أوقع الجميع في الخلاف والشقاق.

المجلس العسكري لا يعنيه أن يكون الرئيس القادم إسلاميا أو ليبراليا أو من الفلول، لكن ما يعنيه الحفاظ على أشخاصه وضمان عدم المحاسبة أو المحاكمة؛ لذلك وليقينه التام أن الرئيس القادم يمكنه بعد انتخابه أن يغير اتفاقه معهم- كما أخلوا هم باتفاقهم مع الجميع- يسعى إلى ضمان عدم المحاسبة من خلال نصوص دستورية لا تعتمد على شخص الرئيس ولكنها تلزمه بذلك.

وإذا لم ينجح في ذلك فالحل الأخير هو تأجيل الانتخابات وعدم تسليم السلطة (مازال إلى الآن يؤكد تسليمها في ميعادها) من خلال التلاعب والإصرار على ضرورة وضع الدستور والاستفتاء عليه قبل الانتخابات؛ مما سيؤدي حتما إلى تأجيلها ويكون التأجيل هنا مطلبا شعبيا لا مطلبا للمجلس العسكري، وهي لعبة يجيدها المجلس تماما الذي أثبت خطأ مقولة أن العسكريين لا يلعبون سياسة فأجاد اللعبة ونجح فيها وحقق الهدف تلو الآخر.

وعلى الجانب الآخر يرى البعض ومنهم بعض الكتاب الكويتيين هنا أن ما يقوم به المجلس العسكري ومناهضته للثورة هو نوع من الوفاء لقائدهم ورئيسهم المخلوع، ولا جدوى من مناقشة هؤلاء ومجادلتهم... "فقد تنكر العين ضوء الشمس من رمد... كما ينكر الفم طعم الماء من سقم".

ولكن السؤال الذي يجب على الجميع الإجابة عنه: هل الوفاء يكون لحاكم أم للوطن؟! لفرد أم لبلد؟! أي قيمة لوفائك لفرد وتضحيتك بمستقبل أمة وإرادة شعب؟!