أكد الكاتب محمد السعيد أن الأسطورة ليس لها علاقة بالخرافة، وأنها معنى وجده الإنسان وليست حاجة، مشيراً إلى أن الحالة الأسطورية نابعة من كينونة الإنسان، مفسراً العودة إلى الأساطير راهناً برغبة في البحث عن الفكر النظيف غير الملوث بتعقيدات الحياة العصرية، جاء ذلك خلال استضافة السعيد في مكتبة آفاق ضمن المحاضرة الافتتاحية لورشة السهروردي الفلسفية مساء أمس الأول بعنوان "ماهية الأسطورة".
الأسطورة والخرافةبداية تحدث السعيد عن الفرق بين الأسطورة والخرافة، مشيراً إلى أن الذهنية العربية لا تفرق بينهما، بل تضع الحالة الأسطورية وقصص الخرافة وحكايات الحيوان ضمن سلسلة واحدة، مستشهداً ببعض الحكايات الخرافية التي يروج لها خصوم الأسطورة الذين يهدفون إلى منع الناس من التفكير في مضمون الحكايات الشعبية الأسطورة، ويدفعونهم إلى تصديق الخرافة لأنهم يريدون تحويل المجتمع إلى مجتمع خرافة وما يدور ضمن الإطار الاجتماعي ينسحب على الطرح السياسي راهنا، بمعنى آخر أن العقول المنهارة حتماً ستقود المجتمع إلى الانهيار.شكل ثقافيواستطرد السعيد في الحديث عن تعريف الأسطورة، مبيناً أنها لغة تختلف عن اللغات العلمية والشعرية بينما تجمع بين الكثافة الحسية والكثافة الروحية، وطبقاً لهذه المعطيات تبدو اللوحة التشكيلية بالمعنى التقليدي أقرب شكل ثقافي إلى الأسطورة، شارحاً أن اللوحة التشكيلية تعتمد على الدال الحسي والمدلول الروحي والدلالة العرفية هي الكمال، وهكذا نبدأ بتفسير مدلول الكمال وهو غاية الإنسان والأسئلة المطروحة كيف ومتى وأين وكيف؟ فنستنتج أن الأسطورة هي كلام الإنسان عن نفسه عبر التاريخ.لوحة تشكيليةوعن حضور الأسطورة في الواقع، يؤكد أن ثمة أساطير قديمة يستعيدها الإنسان ضمن بعض المواقف الحياتية، مسترجعاً تفاصيلها وكأنها لوحة تشكيلية مستقرة في خياله، يستدعي ملامحها وفقاً لعناصر اللوحة التشكيلية الفراغ والكتلة والخط وتحديد الخط وأخيراً الألوان، وهذه العناصر ذاتها متوافرة في نشأة الأسطورة، وهذا دليل أن القراءة الموضوعية للأسطورة يجب أن نقرأها كلوحة تشكيلية.ختم دلمونيثم وزّع السعيد على الحضور صورة لختم دلموني شارحاً تفاصيل الختم، مبيناً أنه يضم مجموعة أساطير فالصليب في الإرث السومري هو إله الشمس، والغزال ابن لوتو، المثلثان المتقابلان ترمز إلى كبير الآلهة السومرية أنليل والأطراف الثمانية تعنى الإله آن، مستكملاً باقي الرموز، ثم قرأ مقطعاً من النص الأسطوري لإله أنليل في أحد المراجع ويقول فيها: "بدون أنليل -الجبل الكبير- لن تقام المدن ولن ترفع البيوت، ولن تبنى الحظائر ولن تشيد الزرائب، ولن يحمل الفيضان الغمر المبارك، والبحر لن يمنح كنوزه السخية، ولن تأتي أسماك البحر لتضع بيضها في وسط المستنقع، ولن توزع طيور السماء أعشاشها على الأرض الفسيحة، وفي السماء لن تفتح الغيوم المحملة بالغيوم ثغراتها".ويضيف السعيد: "أن أنليل هو الكلمة وزوجته ننخر ساج هي الكتابة، وهذه الأسطورة مهمة جداً في دور الرجل والمرأة، وكذلك في الكلام والكتابة، وثمة طقوس كانت تمارس في تلك الفترة تأكيداً على أن الأسطورة هي العود الأبدي، فالأسطورة تنقل الإنسان من الظلام إلى النور ومن الفوضى إلى النظام، كما أن البحث ضمن هذا الاتجاه يقود إلى التوحيد، والتمعن ضمن هذا السلوك وعدم الاكتفاء بالشكل وحسب، كما أن العودة للأسطورة راهناً تهدف الى الهرب من تعقيدات الحياة والأفكار الملوثة".ثم فتح باب النقاش، وقد أثارت محاور الجلسة أسئلة كثيرة لدى الحضور، متسائلين عن أمور تتعلق بالأسطورة ومدلولاتها.يذكر أن الدكتور محمد سليمان عبدالفتاح أدار الجلسة، مؤكداً أهمية في تنمية ثقافة الشعوب عبر العصور، مستعرضاً مناهج العلماء في تفكيك رموز الأسطورة ورصدها عبر الوصف والتحليل والنقد.
توابل - ثقافات
محمد السعيد: الأسطورة ليس لها علاقة بالخرافة
11-10-2012