توقفت مصادر قيادية في قوى 14 آذار عند مجموعة من الملاحظات والمؤشرات التي رافقت الزيارة الخاطفة للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إلى بيروت يوم أمس الأحد، معتبرة أن "الشكليات" التي رافقت الزيارة تحمل في طياتها معاني سياسية مهمة يجدر التوقف عندها في مجال قراءة الرسائل السياسية التي حملتها بالنسبة إلى الوضع اللبناني، والمواقف الدولية من الأزمة السياسية المتمثلة بمطالبة قوى 14 آذار باستقالة الحكومة واستبدالها بحكومة حيادية تشرف على الانتخابات النيابية المقبلة من جهة، وبتمسك قوى 8 آذار بالحكومة الحالية ورفض استقالتها قبل الاتفاق على الحكومة التي ستخلفها تشكيلة وبياناً وزارياً من جهة مقابلة.

Ad

وفي رأي هذه القيادات فإن برنامج الزيارة معطوفا على المعلومات التي تسربت عشية الزيارة من باريس عن اتجاه لدى الإدارة الفرنسية إلى إعادة النظر بزيارة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي التي كانت مقررة مبدئيا في النصف الثاني من الشهر الجاري لفرنسا، تؤكد التبدل الذي تصر قوى 14 آذار بأنه سرعان ما طرأ على الموقف الدولي من بقاء حكومة ميقاتي في السلطة تحت عنوان الحفاظ على الاستقرار في لبنان.

وتتوقف المصادر القيادية في قوى 14 آذار في هذا الإطار عند الملاحظات الآتية:

1- تكليف رئيس الجمهورية ميشال سليمان نائب رئيس الحكومة سمير مقبل باستقبال الرئيس الفرنسي فرانسوا ومرافقته في طريق العودة إلى المطار، في وقت كان بإمكان رئيس الجمهورية إيفاد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي لم يغادر بيروت إلى بلغاريا إلا بعد مغادرة الرئيس الفرنسي لبنان متوجها الى المملكة العربية السعودية. وترى المصادر القيادية في قوى 14 آذار أن هذه الخطوة تعبر في وقت واحد عن عدم تمسك لا الرئيس الفرنسي ولا مضيفه اللبناني ميشال سليمان بحكومة ميقاتي، خلافا لكل الأجواء التي شيعتها قوى 8 آذار لهذه الناحية. ويبدو أن الموقف الدولي بدأ يتوضح أكثر فأكثر إلى ناحية تركيز الدعم لرئاسة الجمهورية حصرا في سعيها إلى إيجاد صيغة متوازنة لحل الأزمة السياسية المتمثلة بالموقف من حكومة ميقاتي.

2- في المقابل، شكلت دعوة الملك السعودي عبدالله بن عبدالعزيز رئيس الحكومة اللبنانية السابق سعد الحريري إلى مأدبة الغداء التي أقامها على شرف الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في جده صفعة سياسية قوية إلى الرئيس نجيب ميقاتي وحلفائه. ذلك أن المراقبين يعتبرون أن مثل هذه الدعوة ما كانت لتتم لولا موافقة بروتوكول الرئاسة الفرنسية، في مقابل غياب ميقاتي عن كل مراحل استقبال هولاند في بيروت. وتأتي مشاركة الحريري في استقبال هولاند بعد ساعات على الكشف عن رسالة كان قد وجهها رئيس تيار المستقبل إلى الرئيس الفرنسي عشية زيارته للبنان، وهي تتضمن شرحا مفصلا لموقف المعارضة اللبنانية ووجهة نظرها من الأزمة والوسائل الكفيلة بالخروج منها. ويبدو أن هذه الرسالة ساهمت في إنتاج عدم حماسة فرنسية لزيارة ميقاتي الى باريس من جهة، وفي أن يكون إخراج زيارة هولاند الى لبنان كما جاء لناحية اللقاءات والشخصيات التي شاركت فيها على نحو أبقاها محصورة برئيس الجمهورية ميشال سليمان دون غيره من أطراف الصراع من جهة مقابلة.

3- أما الملاحظة الأخيرة فعن سابقة بروتوكولية تتمثل في عدم شمول بكركي بزيارة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إلى لبنان، ما اعتبر كسرا لتقليد تقوم عليه العلاقات بين الرئاسة الفرنسية والكنيسة المارونية. وتلفت المصادر المتابعة إلى أن حجة قصر الزيارة لا تكفي لتبرير عدم شمول بكركي ببرنامج الرئيس الفرنسي، ذلك أن زيارة خاطفة مماثلة للرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي إلى لبنان تخللها إيفاد الرئيس الفرنسي موفدا خاصا الى البطريرك السابق نصرالله صفير تأكيدا على العلاقة الوثيقة بين باريس وبكركي. وفي اعتقاد المصادر السياسية المتابعة فإن عدم قيام الرئاسة الفرنسية بإيفاد مبعوث إلى البطريرك الراعي خصوصاً غداة تعيينه كاردينالا يعكس برودة العلاقة بين الراعي وباريس، نتيجة لاستمرار الخلاف في وجهات النظر بين الجانبين في شأن الأزمة السورية امتدادا للمواقف "المتعاطفة" مع الرئيس السوري بشار الأسد التي أعلنها الراعي خلال الزيارة التقليدية التي قام بها إلى فرنسا بعيد انتخابه خلافا لموقف باريس الرسمي من الأسد ونظامه.