لماذا يتمسك الكويتيون بهذه الأسرة؟!
![د. ساجد العبدلي](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1461946551445173900/1461946567000/1280x960.jpg)
كما أن الدستور، وبشهادة أهل الاختصاص، فيه من الثغرات والمثالب وعدم الوضوح ما كان يستوجب تطويره وتعديله منذ سنوات لأجل تحصينه، انطلاقاً من فكرة أنه وثيقة بشرية غير مقدسة أساساً، ولكن هذا لم يحصل في يوم من الأيام، بل لم تبدر أي رغبة حقيقية لذلك.وبالتالي فإن هذا يجعلنا نتساءل إن كان التمسك بهذه الأسرة نابعا حقاً من تمسك مختلف أطراف هذا الدولة بالدستور، وهو الوثيقة التي نرى جميعا أنها لم تنل تلك العناية والرعاية الواجبتين من أي طرف، اللهم إلا التغني بوجودها كشيء رمزي. أما الاحتمال الثاني فهو أننا نتمسك بهذه الأسرة في سدة الحكم من باب العاطفة والحب المجرد والاعتياد، والسؤال هنا: وهل يمكن الركون إلى العواطف أبداً، وهي المتقلبة المتغيرة بطبعها؟ وهل العاطفة لوحدها كانت كافية أبدا في أي مكان في الدنيا لتكوين ولاء حقيقي مستمر؟ في ظني أن الإجابة هنا واضحة جداً.وأما الاحتمال الثالث، وهو أننا نتمسك بهذه الأسرة لحسن قيادتها وإدارتها لشؤون الحكم، والاحتمال الأكثر قربا من «التكنوقراطية» إن جاز لي أن أحشر هذه الكلمة عنوة في هذا السياق، بمعنى أننا لا ندين لهذه الأسرة بالحكم دون أساس، إنما لأن أبناءها أثبتوا حسن القيادة والإدارة على الأرض عاماً بعد عام. ولا أراني متحمساً هنا لاستدعاء التاريخ، إنما سأكتفي بالإشارة إلى أن أداء الوزراء من أبناء الأسرة في السنوات الأخيرة لم يقدم نموذجاً مقنعاً يمكن له يساند هذا الرأي، بل لعله قد قدم العكس تماماً.الاحتمال الرابع والأخير، وهو أن الكويتيين يتمسكون بهذه الأسرة خوفا من البديل، وهذا الاحتمال له ما يسانده على الأرض، فالكويت اليوم تمر بحالة واضحة من التشرذم المجتمعي، والانقسامات الفئوية المتسعة، مهما حاول أي أحد أن ينكر ذلك، وما عادت توجد هناك روح وطنية جامعة يمكن الركون إليها باطمئنان، الأمر الذي خلق حالة من الترقب والقلق المتبادل بين جميع الأطراف، بدواً وحضراً وسنَّةً وشيعةً وغيرهم.هذه الحالة الاستقطابية المتشنجة الواضحة تجعل من الصعب، إن لم يكن من المستحيل، أن يتقبل أي طرف من الأطراف فكرة أن يسود الطرف الآخر عليه في منصب رئاسة الحكومة، وبالتالي فإنه بالرغم من المطالبة المتكررة أخيراً بلزوم أن يصبح رئيس الحكومة من خارج أبناء الأسرة، فإن هذا الأمر وعندما يوضع على محك التطبيق سيواجه مصاعب جمة.وهذه الحقيقة ستجعلني أستدعي سؤالاً مطروحاً وهو: هل يا ترى هناك من أطراف الأسرة من يلعب على وتر استمرار هذه الحالة المجتمعية المتشققة، لأجل استمرار التمسك بالأسرة؟ هذا سؤال مهم. أثرت هذه التساؤلات اليوم هنا لأنه وكما أسلفت يجري تداولها وطرحها في الدواوين والمنتديات، ولأني رأيت أن الوضوح والمصارحة أجدر من ذلك، فهما حالة صحية لأجل هذه البلاد ولمصلحة أسرة الحكم أيضاً، ولأن ممارسة التفكير بأريحية وبصوت عال ستجعلنا، بل سأقول ستجعل أسرة الحكم تضع يدها على مكمن الخلل وتعالجه، إن كانت راغبة في ذلك حقاً ما دامت الفرصة لا تزال سانحة.