«أنا ملكني الهوى» أطلقت شهرته الغنائية

Ad

خليفة بدر من أوائل المطربين الذين شاركوا في تقديم الأغنية الكويتية المطورة في الستينيات والسبعينيات من خلال أعمال غنائية عاطفية ووطنية ورياضية تركت بصمة في مسيرة الأغنية الكويتية الحديثة.

تمتع الفنان الراحل خليفة بدر بموهبة صوتية جميلة أهلته لتقديم أغنيات في الإذاعة والتلفزيون وأشرطة الكاسيت، وفي الحفلات العامة التي استمد منها تواصلاً مع الجمهور، فحقق نجاحاً وانتشاراً سواء في الساحة الغنائية الكويتية أو الخليجية. فنان رقيق متواضع، إذا جلست معه تشعر بأنك تعرفه منذ زمن بعيد.

سيرة ذاتية

اسمه الكامل خليفة جمعة خلف اللنقاوي، من مواليد الكويت 1949، متزوج وله من الأبناء: بدر وفوزي وعبدالله ومحمد ومن البنات: عبير وعذاري ومنيرة ولطيفة.

كان عضواً في فرقة «مسرح الخليج العربي» (1965)، وفي «جمعية الفنانين الكويتيين» (1967). عمل في مطبعة الحكومة لسنوات ثم موظفاً في قسم الموسيقى في تلفزيون الكويت.

البداية

أحبّ خليفة بدر الفن منذ طفولته ومارس هوايته في أنشطة مختلفة لإبراز إمكاناته وإعطاء الآخرين، خصوصاً من لهم شأن في تبني الفن في البلاد آنذاك وتشجيعه، فكرة واضحة عن قدراته الفنية.

كان لابن عمه الفنان خليفة سالم اللنقاوي الفضل في الخطوة الأولى الجادة في مسيرته الفنية، فقد اصطحبه إلى مقر «فرقة مسرح الخليج العربي» في أثناء تحكّم الفنان الراحل المخرج صقر الرشود، الفنان منصور المنصور، الكاتب المسرحي عبد العزيز السريع، سليمان الخليفي، محبوب العبد الله بمسيرة الفرقة، ودخل عضواً فيها عام 1965، وقد اسندت إليه مهمة من صميم هوايته وهي الغناء، فكان يؤدي أغاني شعبية ويعزف على آلة العود أثناء فترة الاستراحة في المسرحيات التي قدمتها الفرقة آنذاك منها: «المخلب الكبير»، «الطين»، «صفقة مع الشيطان»، «عند شهادة»، «الملالة»، «الله يا الدنيا».

كذلك شارك مع الفرقة في حفلات السمر في مناسبات اجتماعية ووطنية، وأدى أغاني فلكلورية كويتية وخليجية، وأخرى عربية لعبد الحليم حافظ ومحرم فؤاد وغيرهما.

نصحه أكثر من فنان سمع صوته بأن يقصد قسم الموسيقى في إذاعة الكويت ويقدم تجربة صوتية، وكان الفنان الراحل المخرج عبد الأمير مطر من أكثر المشجعين له للقيام بهذه الخطوة، فقدم أغنية «أنا والليل في نجوى» من ألحان عثمان السيد، وكان سبق أن غناها الفنان الراحل غريد الشاطئ.

بعد هذه التجربة الصوتية الناجحة انضم إلى نادي الفنانين التابع لإذاعة الكويت، لصقل موهبته، وكان يدرّس فيه موسيقيون متميزون من بينهم: الراحل أحمد علي، علي الحفني، هناء العشماوي...

أول أغنية

في عام 1964 تلقى خليفة بدر اتصالا من الملحن الراحل عبد الرحمن البعيجان الذي عرض عليه وعلى المطرب مصطفى أحمد لحنين جاهزين، وطلب من كلّ منهما اختيار لحن، فاختار خليفة بدر أغنية «أنا ملكني الهوى» من كلمات الشاعر الراحل عبد المحسن الرفاعي، وقد كان أجره آنذاك عشرة دنانير.

يقول عن هذه التجربة: «كنت أنتظر موعد بث أغنيتي الأولى بفارغ الصبر، وأذكر أنني فرحت عندما بثت وهنأني الأصدقاء والمعارف، وحققت شهرة واسعة».

وعن التسجيل في استديو الموسيقى في إذاعة الكويت مع فرقة موسيقية تكونت من كبار الموسيقيين العرب والكويت، يقول: «كان التسجيل مع الفرقة في الاستديو له رهبة كبيرة. لم نكن نملك خبرة كافية ومع هذا كان الحماس يدفعنا نحو الإبداع».

الانطلاقة

ما كاد الملحنون والشعراء يستمعون إلى «أنا ملكني الهوى» حتى أقبلوا على خليفة بدر وعرضوا أعمالهم الجديدة، فكانت أغنيات: «شفت الحلو صدفة» من ألحان محمد التتان، «يا ناس ما شوف الحبايب يمرون» للشاعر علي الربعي وألحان أحمد البابطين، «يا نور عيني أنا» من كلمات الشاعر الراحل بدر الجاسر وألحان يوسف المهنا، «يا ريحة العنبر» للشاعر الراحل محمد الفايز وهي بالفصحى وألحان ابراهيم الصولة.

يوسف ناصر أحد أكثر الشعراء تعاوناً مع خليفة بدر وقد لحن له أيضاً، إضافة إلى: طلال السعيد، مبارك الحديبي، فايق عبد الجليل، علي الربعي، محمد الفايز، عبداللطيف البناي، خليفة العبدالله الخليفة الصباح، محمد التنيب، عبد الرحمن الزيد، سالم ثاني الوهيدة، مساعد الحديبي وخالد العياف.

كذلك تعاون خليفة بدر مع مجموعة من الملحنين، من هؤلاء: عبد الرحمن البعيجان، محمد التتان، راشد الخضر، أنور عبدالله، عثمان السيد، ابراهيم الفرحان، يوسف المهنا، عبد الحميد السيد، عبد الرزاق العدساني، عبد العزيز الحمدان، الفنان أحمد البابطين، ابراهيم الصولة، مرزوق المرزوق، ليلى عبدالعزيز.

نماذج من أغانيه

غنى خليفة بدر من ألحان ابراهيم الصولة 11 أغنية من بينها: «يا زين يا زين، يا ريحة العنبر، ليش الحبايب، إحنا العشاق»... جميعها من كلمات الشاعر يوسف ناصر. كذلك غنى من ألحان الصولة «جايد علينا، سهر ودموع» من كلمات الشاعر الراحل محمد التنيب، «طول حبيبي» من كلمات عبدالرحمن الزيد.

أغان عاطفية ودينية

كان لأغنية «ابتسم» التي غناها خليفة بدر أثر كبير عند الشاعر سالم ثاني لأنها عرّفته إلى الجمهور كشاعر أغنية وساهمت في جعل الوسط الفني يلتفت إليه وإلى قدراته في كتابة الأغنية، ويقول فيها:

ابتسم خلني أشوفك

ابتسم يكفي رضاك

في عام 1974، غنى خليفة بدر من كلمات الشاعر طلال السعيد وألحان ابراهيم الفرحان أغنيتين: «عقد الهوى»، «خل تلاقى بخله» يقول في مطلعها:

خل تلاقى بخله

ذكر على ما مضى له

سهرت أنا اللييل كله

يوم الحبيب طرالي

شارك خليفة بدر في حفلات غنائية أقامتها جمعية الفنانين الكويتيين للأندية الرياضية من بينها حفلة بمناسبة فوز نادي القادسية الرياضي بكأس الأمير سمو (1974) على مسرح سينما الأندلس، أحياها: شادي الخليج، عبدالمحسن المهنا، غريد الشاطئ، حمد خليفة، فرقة عودة المهنا الشعبية، والمسرح الشعبي، تضمنت نشيداً حماسياً تحية للقادسية من ألحان يوسف المهنا، ومقطوعة موسيقية من تأليف قائد الفرقة الموسيقية لجمعية الفنانين الكويتيين المايسترو سعيد البنا.

كذلك شارك خليفة بدر في حفلات غنائية لاتحاد طلبة الكويت في لندن والقاهرة ، وأخرى في عواصم خليجية وعربية.

في عام 1976 غنى خليفة بدر من ألحان عبد العزيز الحمدان وكلمات مساعد الحديبي «عندي حجي وايد» يقول في مطلعها:

عندي حجي وايد

حقك أبي أقوله

فيني الوفا زايد

وأشواق محموله

تعاون فني

تعاون خليفة بدر مع الشاعر الراحل الشيخ خليفة العبدالله الخليفة الصباح، والملحن الراحل عبد الرحمن البعيجان في أكثر من أغنية من بينها: «قالوا عنها» وطنية (1980)، «ردينا» عاطفية (1982) يقول في مطلعها:

ردينا على سوالف الأول

وما صدقنا ذيك الصفحة نطويها

ردينا على ما تجيني مثل أول

أثبت لي المحبة بكل معانيها

«والله يالزْرَقْ ورفعت الرايات» رياضية (1986) في إطار الدعم المعنوي لمنتخب الكويت الذي شارك في نهائيات كأس العالم في أسبانيا يقول مطلعها:

والله يالزْرَقْ ورفعت الرايات

كل الملاعب شهدت لك بالذات

«قصة بلدنا»

شارك خليفة بدر في الغناء في أوبريت «قصة بلدنا» مع: عبد الكريم عبد القادر، فيصل عبدالله، هدى حسين، المرحومة سارة ابنه الفنان المطرب مبارك المعتوق، مفرقة فيروز الهندي الشعبية. الأوبريت من كلمات الراحل خليفة العبد الله الخليفة، ألحان يوسف ناصر، توزيع حسين أمين، أخرجه لتلفزيون الكويت المخرج غافل فاضل.

شريط «طرب 2» (2002) آخر مشاركات خليفة بدر الغنائية إذ قدم فيه أغنية «السمر». يتضمن الشريط أغنيات للمطربين: إبراهيم القطان، عادل ألماس، يوسف العماري...

غاب بدري

ومن أشهر أغاني خليفة بدر: «غاب بدري» من كلمات يوسف ناصر وألحان عبد الرحمن البعيجان جاء في مطلعها:

غاب بدري ألا يا من يجيبه

وياخد أجر المولع في هواه

كل حبيب تسامر مع حبيبه

وأنا مالي حببيب أسمر معاه

عن هذه الأغنية يقول: «كنا نجلس عند المرحوم الشاعر الغنائي الراحل الشيخ خليفة العبد الله الخليفة الصباح، ولما سمعت بلحنها «القادري» طلبتها من ملحنها فوافق، وسجلناها مع شركة «صوت وصورة» وقد نجح الشريط ونجحت الأغنية».

أيضاً أغنية «محلانا يا محلانا» من كلمات خالد العياف وألحان مرزوق المرزوق، يقول في مطلعها:

محلانا يا محلانا

يوم الزين وافانا

هنى قلوب عطشانة

خذانه بعيد ودانا

حتى الهم نسانا

شاركنا أمانينا

تكريم

كرم المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الفنان خليفة بدر في مهرجان الموسيقى الدولي الحادي عشر (2008) فقدم فيه أغنيتي «غاب بدري» و{غريب الدار» من كلمات يوسف ناصر وألحان ابنه بدر اللنقاوي، يقول مطلعها:

غريب الدار من بعدك ولا لي من يسليني

أطالع صورتك ولعي وفتيله قلبي مشعوله

وقد قال في المناسبة: «إن تكريمي وتكريم زملائي الفنانين ظاهرة صحية، خصوصاً أن هذا التكريم يأتي في حياة الفنان».

من أقواله

● كنا نقيم حفلاتنا الغنائية في أكثر من مكان... في المسارح والحدائق العامة وفي جزيرة فيلكا وفي الجهراء، علماً أنني أحييت حفلات غنائية في لندن والقاهرة وأبو ظبي.

● كان أعضاء جمعية الفنانين الكويتيين أخوة متحابين يتباحثون في أمور الفن بعيداً عن الخلافات والصراعات، وكنا نجتمع عصر كل يوم وحتى منتصف الليل، وكانت جلساتنا بمنزلة ورش فنية تحمل تحدياً كبيراً للخروج بعمل إبداعي، وكانت ثمة حالة من التنافس الشريف... ففي السابق كان الملحن لا يخشى أن يُسمع لحنه لزميل قبل أن يقوم بتسجيله، أما الآن فالوضع مختلف وتغير إلى الأسوأ فآثرت الابتعاد كي لا أصطدم بإخوة وزملاء، ومثلي كثير من الفنانين.

● أسباب هبوط مستوى الأغنية الكويتية كثيرة مثل: تقليص دور جمعية الفنانين الكويتيين، عدم وجود فرقة موسيقية في الإذاعة الكويتية، ابتعاد التلفزيون عن الأغنية الكويتية الجديدة.

● شركات الإنتاج الفني دفعت الشاعر والملحن إلى إنتاج أكبر كمية من الأغاني بغض النظر عن مستواها، حتى أصبحت الأغاني الجيدة حالة نادرة، وحب الفن اختفى أو تلاشى، وبات الفن بالنسبة إليهم وسيلة لتحقيق أهداف حياتية معينة.

وفاته

في 2 مايو 2010 فقدت الكويت الفنان خليفة بدر، وقد شُيع جثمانه عصر الثالث من مايو، بعد رحلة صراع مع المرض أدخلته مستشفيات في الكويت ونيس في فرنسا، وأخيراً المستشفى الأميركي في تايلند.

وكان الفنان خليفة بدر تعرّض إلى أزمة صحية مفاجئة، أدخل على أثرها مستشفى مبارك عدة أيام، ثم سافر للعلاج في الخارج.