سرعة اشتعال الفتن في بلادنا، وبالأخص الفتن الطائفية منها، يجعلني أتساءل، وهذا السؤال أضحى ملحاً: هل هذه البلاد صارت اليوم مصنوعة من قش يابس كي يسهل إشعال الفتن فيها بهذه الطريقة الرخيصة؟ وكذلك، هل عقول الناس، وبالأخص أولئك الذين نلتمس منهم الرشد والحكمة، بهذه الركاكة لتضطرم جذوتها مع كل شرارة يطلقها نكرة مأفون هنا أو هناك؟!

Ad

كي تشعل فتنة تتأجج في هذا المجتمع فلست بحاجة هذه الأيام إلى أكثر من عمل حساب في "تويتر" بأي اسم كان، بشريا أو رمزيا، وإن كان يفضل أن يكون له دلالات ترتبط بالفتنة التي تود أن تشعلها، وأن تختار له صورة مستفزة، وتطلق بعد ذلك عدة تغريدات تشتم بها جهة ما أو تحتقر معتقدات طائفة ما، وما هي إلا سويعات بسيطة، وربما أقل من ذلك، إلا وستجد نفسك جالساً تتفرج على نار فتنتك المشتعلة ودخانها المتصاعد من الهواتف النقالة، في طول البلاد وعرضها!  سرعة اشتعال الفتن في بلادنا، وبالأخص الفتن الطائفية منها، يجعلني أتساءل، وهذا السؤال أضحى ملحاً: هل هذه البلاد صارت اليوم مصنوعة من قش يابس كي يسهل إشعال الفتن فيها بهذه الطريقة الرخيصة؟ وكذلك، هل عقول الناس، وبالأخص أولئك الذين نلتمس منهم الرشد والحكمة، بهذه الركاكة لتضطرم جذوتها مع كل شرارة يطلقها نكرة مأفون هنا أو هناك؟!  فلا يكاد صباح يمر إلا وتجد من يرسل لك رسالة في "تويتر" مطالبا إياك بإعلان موقفك من تغريدة طائفية أو فيها مساس بالمعتقدات الدينية أطلقها أحدهم، وكأن الجميع قد صاروا في محل اتهام دائم ومطالبين مع كل فتنة بتجديد تأكيد براءتهم وإلا فإنهم مشاركون في الجريمة. والحقيقة أني لا أتجاوب مع أي من هؤلاء مطلقا، حيث لا أجد في نفسي الرغبة في أن أدخل في معمعة هذا الهيجان كلما هو اندلع، وما أكثر وما أسهل أن يندلع. إيماني بالله العظيم وحبي لرسوله صلى الله عليه وسلم وآل بيته وصحابته وغيرتي عليهم وعلى هذا الدين ليست في موقع التشكيك من أي شخص، كائنا من كان، ولست بحاجة لتأكيدها وإثبات البراءة من تهم سمجة في عقول التافهين، وإثبات عدم انحيازي طائفيا لمجرد أن ناعقا شاذا غرد بطريقة ساقطة في "تويتر".  إن من البدهي أن تكون القوانين رادعة والقنوات الأمنية الرسمية محددة لمواجهة مثل هذه الحالات، وأن تكون هذه القوانين والقواعد مستقرة تجاه الجميع، بلا محاباة لأحد أو لفئة على حساب أخرى وبعيدة كل البعد عن لعبة الحسابات السياسية التي ما دخلت في شيء إلا أفسدته. قوانين وقواعد ليست بحاجة لتوجيهات عليا حتى يتم تحريكها، وليست بانتظار ضغط شعبي، لطالما كان طائفيا في مثل هذه الحالات كي يتم تطبيقها، وهذا ما يفهمه العقلاء ويعملون بمقتضاه.  وحين يكون هذا ويراه الناس واقعا مطبقا على كل المسيئين بلا عبث ولا تجاوزات، فإن النفوس يقينا ستهدأ، وسيعلم الجميع أن المسيء سيعاقب ويحاسب، ولن يضطروا للتمترس خلف فئوياتهم وطائفياتهم. وسيتوقف هذا الابتزاز والاستفزاز الفكري المستمر في "تويتر" وغيره للناس بأن يبدوا مواقفهم ويدلوا بتصريحاتهم تجاه كل محاولة لإشعال فتنة، وهي التصريحات التي يجب أن تكون نارية بدورها، ضد الناعقين، وإلا صاروا في محل الاتهام بالطائفية أو عدم الغيرة على الدين وربما النفاق!