يعرف الجميع ظاهرة «الحب من أول نظرة»، وهي تكون عبارة عن شعور جامح وغير مبرر وقد لا يدوم أحياناً لفترة طويلة. لكن تبرز أيضاً أولى مؤشرات الحب التدريجي الذي يأخذ وقته قبل الظهور بشكل واضح.

Ad

 يمكن أن يكون هذا الحب واعداً بدوره، لكن تبقى مؤشراته أكثر غموضاً. تترافق هذه الحالة مع بعض التردد الذي يعكس عدم التأكد من صحة المشاعر، فينشأ صراع داخلي فينا. تتعدد العوامل التي يمكن أن تجذبنا تجاه الشخص الآخر: الراحة، الثقة، شعور بالسلام الداخلي، السعادة... لكن تقابلها عوامل أخرى قد تُبعدنا عن ذلك الشخص: الخوف من الرفض والتعلّق بالآخر وعدم الاستعداد لخوض علاقة عاطفية... من هنا، قد نشعر بارتباك في العلاقة، لكنّ هذا الإحساس يشير إلى وجود اهتمام فعلي بالشخص الآخر. لِنفكّ رموز هذا الحب التدريجي.

احمرار الخدين

يكون الجسم غالباً أول ما يعبّر عن حالة الحب حتى لو حاولنا تجاهل المؤشرات التي يرسلها. تؤدي مشاعر القلق إلى ارتفاع مستوى الأدرينالين في الجسم، ما يعني تسارع نبضات القلب والتعرّق المفرط. لكن في الوقت نفسه، يطلق شعور الحب هرمونات الدوبامين والسيروتونين والأندورفين مقابل الأدرينالين. تؤدي هرمونات الحب هذه إلى توسيع الأوعية الدموية، ما يفسر احمرار الخدين وتلوّن العنق أيضاً. غالباً ما تلفت هذه المؤشرات النظر، ويُعتبر العنق تحديداً منطقة هشة بامتياز لدى البشر. كذلك، قد يتغير الصوت: تميل المرأة إلى رفع نبرة صوتها واستعمال صوت حاد بينما يستعمل الرجل صوتاً هادئاً بهدف إغواء المرأة. عند الشك بطبيعة المشاعر المستجدّة، يجب أن نتأكد من أن الجسم له أسباب لا يفهمها المنطق.

ارتباك شديد

قد تسعى المرأة إلى الظهور بصورة مثيرة للاهتمام، لكنها لا تكف عن التفوه بالسخافات. أو قد ترغب في ترك انطباع جيد أمام الشخص الذي يعجبها، لكنها تتعثر أو توقع الطعام خلال لقائهما. يعتبر علماء النفس أن هذا الارتباك يعكس قوة الرغبة، فتصبح هذه اللغة وسيلة ممتازة لتجنب الكلام الشفهي وإطلاق العنان للعواطف.

جميع مؤشرات الارتباك هي طريقة غير مباشرة لإخبار الشخص الآخر بأن وجوده حولنا يربكنا ويجعلنا نفقد تركيزنا وقدراتنا. إنه مؤشر مهم نرسله إلى الطرف الآخر بشكل تلقائي حتى لو بدا الارتباك محرجاً في الظاهر. هذه المؤشرات واعدة بحسب رأي علماء النفس. يستمتع اللاوعي في هذه الحالة بإرباكنا، ما يؤكد على أهمية اللقاء والعلاقة الناشئة.

لإخفاء المشاعر

الحب التدريجي مليء بالشكوك والعذاب. أحياناً، قد نستعمل تكتيكاً سخيفاً لإخفائه. فندعي أننا لا ننتظر اتصالاً من الشخص الذي يعجبنا أو ندعي أننا غير متفرغين للخروج كي نتجنب التعبير عن اهتمامنا بالشخص الآخر. ما الذي يخفيه هذا السلوك؟ إنه الخوف من انكشاف أمرنا والمجازفة بالتعرض لمواقف محرجة. كذلك، قد نشعر بأننا نسير نحو المجهول، فنصبح مجبرين على التفكير بالآخر وعلى التصرف كما يريد مع أننا لا نعلم ما يريده فعلاً! لا يكون السلوك طبيعياً خلال الموعد. لكن يؤكد علماء النفس على أن جميع الاستراتيجيات لا يمكن أن تقاوم الحب. فضلاً عن أن ادعاء اللامبالاة لا يفيد إلا إذا كنا مصرّين على إنكار الواقع.

مقاومة المشاعر

قد نؤكد لأنفسنا أن الشخص الذي يربكنا ليس من النوع المفضل لدينا أو أن الوقت لا يزال مبكراً للدخول في علاقة عاطفية. محاولة مقاومة المشاعر هي مؤشر شبه مؤكد على وجود حب مرتقب. حين نكون أمام شخص لا يتماشى مع المعايير الواعية التي نحددها في العادة والتي تزعزع كياننا اللاوعي، نفقد توازننا. فنحاول بأي ثمن العودة إلى الطريق الصحيح من وجهة نظرنا. خوفاً من رغباتنا ومشاعرنا، قد نميل إلى الهرب. تترافق هذه الحيرة مع مشاعر الهلع والسعادة الداخلية في آن. لكن ماذا لو لم تَدُم هذه المشاعر طويلاً؟ قد يشعر البعض بالتعاسة ويهرب من الخوف اللذيذ تجنباً للمشاكل.

تخيّل المستقبل

ثمة مؤشر آخر على وجود حب تدريجي: الميل إلى تخيّل مستقبل سعيد. يعتبر علماء النفس أن هذه التخيلات هي طريقة لطمأنة الذات حول ما يمكن أن يحصل مستقبلاً. من خلال تصوّر شريط من الأحداث التي تؤكد على حب الطرف الآخر، نتجاوز عوائق الشك التي تطبع الحب التدريجي في مراحله الأولى. لكن يحذر علماء النفس من هذه الإسقاطات نحو المستقبل لأنها قد تعكس مجرد رغبة في عيش تجربة الحب من دون أن تكون المشاعر صادقة تجاه الشخص الآخر. يبدأ الحب الصادق بتخصيص مساحة للآخر في السيناريوهات التي نرسمها عن المستقبل بدل التركيز على الذات حصراً.

نقاط مشتركة

حين نقابل شخصاً يعجبنا، نميل إلى هدم العوائق بيننا والتركيز على النقاط المشتركة. يميل الحب إلى تجميل العلاقة الثنائية، فضلاً عن تجميل الشخص نفسه من خلال السعي إلى الظهور بأبهى حلّة. لكنّ هذه الميزة قد تؤدي إلى التهرب من الواقع. من الأفضل أن نتجنب اختراع القصص الخيالية والابتعاد عن الواقع.

 ثمة نساء ينزعجن إذا لم يعبّر لهنّ الرجل عن حبّه شفهياً. ويظن البعض أنه يعيش حالة حب ولكنه ربما يحب الحب نفسه لا أكثر. في هذه الحالة، يكون الشريك مجرد وسيلة لسد الفراغ العاطفي وتلبية حاجة نفسية. كيف يمكن التأكد من حقيقة المشاعر إذاً؟ دائماً ما يخرج هذا الشعور عن السيطرة، فنشعر بأننا لا نتحكم بالوضع.

الحب هو التجربة الأكثر إثارة للاهتمام في حياة البشر، لذا يجب أن نتوقف عن مقاومة هذا الشعور وأن نطلق العنان له. باختصار، الحب التدريجي هو نوع من المغامرة الشيّقة!