بدون... الفضالة !
جولة رئيس الجهاز التنفيذي للمقيمين بصورة غير قانونية، أو ما يعرف سياسياً وشعبياً وواقعياً بـ"البدون"، في منطقة الخليج تثير علامات استغراب وجدلاً، ولا تساعد على إيجاد حل جذري ومنصف لهذه المشكلة الأزلية.ومع كل الاحترام والتقدير لشخص الأخ صالح الفضالة فإننا نختلف معه اختلافاً شديداً في تشخيص قضية "البدون"، والفلسفة الخاصة في معالجتها التي لا يمكن التعاطي معها بعقلية القرن التاسع عشر، حيث إننا في عصر المعلوماتية وثورة الاتصالات والتنمية المستدامة والاستثمار في المورد البشري.
ويبدو أن العقدة المركزية لهذا الجهاز المركزي مازالت أسيرة التفكير في الأصول والانتماءات وتكسير الحسابات والأرقام لمعرفة ما ستؤول إليه منظومة النسيج الاجتماعي، وهنا يكمن السر الأكبر في الجولة الخليجية للأخ صالح الفضالة، وشخصيا أتحدى أن تحذو الكويت حذو الدول الخليجية بدءاً من البحرين وانتهاءً بسلطنة عمان في حل قضية "البدون" لديها؛ لأنها وبدون استثناء قد حسمت أمر هذا الملف وطوت أوراقه. وكنت أتمنى لو زار الأخ الفضالة عدداً من الدول الأوروبية، الغربية منها والإسكندنافية، أو كندا أو الولايات المتحدة الأميركية أو حتى بنغلاديش ليطلع على الطريقة التي تتعامل فيها الحكومات والسلطات القضائية مع قضايا "البدون" لديهم، وكذلك زيارة خاطفة للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في جنيف قد تشفع لأصحاب القرار في تعلم دروس في الإنسانية وإقرار حقوق البشر المدنية وتطبيقها في بلدنا الذي وصلت رسالته الإنسانية، وامتدت أياديه البيضاء إلى أقصى بقاع العالم باستثناء من يضمهم في الداخل من فئة "البدون".و"بيت النازل" يا أخ "بويوسف" لم تكن بحاجة إلى هذا العناء، وعلى بعد أمتار قليلة منك حزمة من الدراسات والاقتراحات بقوانين في مجلس الأمة، يعتبر أحدثها المقدم من كتلة العمل الشعبي الأكثر شمولية ومنطقية ورقياً في اقتلاع مصائب الآلاف من "البدون" من جذورها.فهل يحتاج من أفنى شبابه في صحراء الكويت منذ مطلع الخمسينيات في إنتاج النفط، ومن قدم دمه دفاعاً عن الكويت، ومن تناسل حتى الجيل الخامس على هذه الأرض، وحمل كل معاني الولاء والإخلاص لها، ومن كان أقرباؤه من الدرجة الأولى من الكويتيين بالتأسيس، كل هذا التمحيص والتفتيش والجولات الخارجية لمعالجة ملفاتهم المعطلة وحرمانهم أبسط حقوق الحياة على مدى نصف قرن من الزمان؟!ودي أصدق يا "أبو يوسف" أن جهازك المركزي جاد في حل قضية "البدون"، فكل الآمال التي كان يراهن على حسمها خلال فترة خمس سنوات قد مضى منها سنتان، وهذا الجهاز غير قادر حتى الآن على تعيين 70 مدرساً ومدرسة من خريجي كلية التربية بجامعة الكويت وكلية التربية الأساسية ممن سلموا أوراقهم لوزارة التربية منذ أربع سنوات، علما أن هؤلاء يفترض أن يكونوا من أقوى الشرائح كونهم أبناء كويتيات بالتأسيس، ولكن بزيارتك المكوكية الأخيرة لا نملك إلا أن نقول... "صج قوية"!!