القى الجيش المصري السبت بثقله في الازمة التي تقسم الساحة السياسية في مصر منذ اكثر من اسبوعين داعيا الفرقاء الى اعتماد الحوار لحلها ومحذرا من انه "لن يسمح" بان تدخل البلاد "نفقا مظلما نتائجه كارثية".

Ad

وقال الناطق باسم القوات المسلحة في بيان "ان منهج الحوار هو الاسلوب الامثل والوحيد للوصول الى توافق يحقق مصالح الوطن والمواطنين".

وشدد البيان على "ان عكس ذلك يدخلنا فى نفق مظلم نتائجه كارثيه"، مضيفا "وهو امر لن نسمح به".

ويشير بيان المؤسسة العسكرية النافذة في مصر والتي خرج منها كل رؤساء مصر بين 1952 و2011، الى جدية الازمة السياسية الاكبر من نوعها منذ تولي الرئيس محمد مرسي الرئاسة في يونيو 2012 كاول رئيس مدني واسلامي للبلاد.

واندلعت هذه الازمة اثر اصدار مرسي في 22 نوفمبر اعلانا دستوريا منح فيه نفسه صلاحيات استثنائية عارضتها المعارضة المكونة اساسا من قوى يسارية وليبرالية، بشدة.

وازدادت الازمة حدة مع اعلان مرسي استفتاء على مشروع دستور خلافي في 15 ديسمبر الحالي ما ادى الى تنظيم اعتصامات وتظاهرات حاشدة للمعارضة في القاهرة والعديد من المدن المصرية رفضا للاعلان الدستوري ولمشروع الدستور والاستفتاء عليه، شهد بعضها صدامات دامية بين انصار مرسي ومعارضيه.

وقتل سبعة اشخاص واصيب اكثر 600 بجروح في مواجهات بين الفريقين الاربعاء الماضي.

واكدت المؤسسة العسكرية "انحيازها الدائم" للشعب بيد انها شددت على الحوار والابتعاد عن العنف، في مؤشر على حيادها في الازمة.

وقال بيان الجيش "تنحاز المؤسسة العسكرية دائما الى شعب مصر العظيم وتحرص على وحدة صفه، وهى جزء أصيل من نسيجه الوطني وترابه المقدس، وتأكد ذلك من خلال الاحداث الكبرى التى مرت بها مصر عبر السنين .. وفي هذا الاطار نؤكد وندعم الحوار الوطني والمسار الديمقراطي الجاد والمخلص حول القضايا والنقاط المختلف عليها وصولا للتوافق الذى يجمع كافة أطياف الوطن".

واضاف المتحدث "يجدر بنا جميعا أن نراقب بحذر شديد ما تشهده الساحة الداخلية والاقليمية والدولية من تطورات بالغة الحساسية حتى نتجنب الوقوع فى تقديرات وحسابات خاطئة تجعلنا لا نفرق بين متطلبات معالجة الازمة الحالية وبين الثوابت الاستراتيجية المؤسسة على الشرعية القانونية والقواعد الديمقراطية التى توافقنا عليها وقبلنا التحرك إلى المستقبل على أساسها".

واكد "ان القوات المسلحة المصرية بوعي وانضباط رجالها التزمت على مر التاريخ بالمحافظة على امن وسلامة الوطن والمواطنين ومازالت وستظل كذلك".

واشارت تقارير نشرتها صحيفة الاهرام (عامة) اليوم الى ان مجلس الوزراء وافق مشروع قانون "باشتراك القوات المسلحة في مهام حفظ الامن وحماية المنشآت الحيوية في الدولة حتى اقرار الدستور وانتهاء الانتخابات التشريعية والضبطية القضائية" واحاله الى الرئيس مرسي لاصداره "قريبا".

وكان مرسي بدا حازما مساء الخميس حين القى خطابا لم يستجب فيه لاي من مطالب المعارضة وخصوصا الغاء الاعلان الدستوري وتاجيل الاستفتاء على الدستور رغم دعوته المعارضة للحوار السبت. لكن جبهة الانقاذ الوطني اهم اطراف المعارضة، رفضت العرض معتبرة انه "غير جدي" مع عدم الاستجابة لمطالبها.

غير ان محمود مكي نائب الرئيس المصري قال الجمعة ان مرسي يمكن ان يقبل تاجيل الاستفتاء على الدستور اذا وجد مخرج قانوني وتوافق سياسي لتحصين مثل هذا التاجيل من اي طعن قضائي. كما اعلنت اللجنة الانتخابية تاجيل استفتاء المصريين في الخارج على مشروع الدستور الذي كان مقررا السبت الى الاربعاء القادم في ما اعتبر مؤشرا على مرونة من السلطة.

واكد محمد البرادعي رئيس جبهة الانقاذ الوطني مساء الجمعة على ضرورة الحوار ونبذ العنف غير انه شدد على مطالب المعارضة في الغاء الاعلان الدستوري وتاجيل الاستفتاء لحين التوافق على مشروع الدستور.

وفي مؤشر آخر على المرونة والسعي للتهدئة افرجت النيابة العامة الجمعة عن اكثر من 130 موقوفا اثر المواجهات الدامية الاربعاء وهو الامر الذي رفضه المرشد العام للاخوان المسلمين محمد بديع في مؤتمر صحافي السبت داعيا النيابة العامة الى "اخذ حقوق الشهداء".

ودعا بديع القوى السياسية في مصر الى العودة الى الحوار والى المصالحة لكنه اتهم بعض المعارضين ب"الفساد والاستبداد والاجرام".

واعتبر ان "المشهد الذي يحدث في مصر الان ليس هو الذي يعبر عن مصر"، مدافعا عن جماعة الاخوان ومؤكدا انها تبنت دوما "الحوار وسيلة واحدة للتعامل مع المعارضين".

غير ان بديع اتهم متظاهرين معارضين باحراق 28 مقرا للجماعة في انحاء مختلفة وقال ان "ما يحدث ليس معارضة انما فساد واستبداد واجرام انتم شهود عليه الان، هذه جرائم ليست خلافات في الرأي وليست معارضة" داعيا "كل القيادات السياسية الى ان تتبرأ من القتلة والمخربين".

في الاثناء ساد الهدوء صباح السبت في محيط قصر الرئاسة في القاهرة بعد تظاهرات "جمعة الكارت الاحمر" التي نظمها المعارضون للرئيس محمد مرسي.

وحول القصر الواقع في ضاحية مصر الجديدة تمركز الجنود عند حواجز امنية ووضعت اسلاك شائكة في الطرق المؤدية اليه لمنع الوصول الى القصر.

وامضى اكثر من مئة متظاهر الليلة في خيام شيدت بالقرب من القصر وفي مسجد مجاور.

وكان اكثر من عشرة الاف متظاهر تجمعوا امام القصر الجمعة مرددين هتافات تندد بمرسي وبجماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي اليها.