انتظار وترقب لمصر
المرجح أن تصوت الأكثرية في مصر بـ"نعم" للدستور بعد المرحلتين الأولى والثانية، وكلمة "نعم" لا تعني أن الرئيس المصري سيضع على رأسه العمامة الدينية، ولا تعني حتماً أن مصر، وكل دول الربيع العربي بالتبعية، ستنقلب عواصمها إلى "قندهارات" طالبان، فهناك ضمانات في عدد من مواد مسودة الدستور، وإن كان عليها الكثير من التحفظات الليبرالية- اليسارية، لكنها في النهاية تضمن عدم احتكار مرسي للسلطة لأكثر من دورة رئاسية واحدة، أما احتكار "الإخوان" للسلطة فهذا محتمل ومرجح، ليس بسبب الدستور وإنما لقناعة الأغلبية، مهما كانت بسيطة، بحكم "الإخوان".
هناك خشية مبررة من أن "الإخوان" اليوم يهمشون الآخرين من غير حزبهم والسلف، لكن ما العمل، وقد قدم المعارضون من اليسار والليبراليين كل ما يمكنهم أن يقدموه، فهم تظاهروا بتظاهرات حاشدة، وكتبوا المقالات الكثيرة، فماذا يمكنهم أن يفعلوا أكثر من ذلك؟! بالتأكيد رسالتهم وصلت واضحة إلى "الإخوان"، بأنهم كمعارضة لهم صوت ووجود يستحيل تجاهله، وقالوا بوضوح إن الديمقراطية لا تعني حكم الأغلبية فقط، بل لابد من ضمان حقوق الآخرين والأقليات، وإذا انحرفت الرئاسة المصرية واستبدت، فهنا يمكن القول إن مرسي سار على درب الفراعنة وسلك طرق هتلر وموسليني! أما الهجوم عليه الآن وبعد حوالي ستة أشهر من رئاسته، ووصفة بفرعون الجديد، فهذا تطرف وتجنٍّ عليه، ولن يستفيد منه أحد غير جماعات "الفلول" التي ستنقضّ على الثورة، وستستعمل ورقة العنف والعنف المضاد كقميص عثمان للسيطرة العسكرية من جديد، وتعود "المباركية" بأثواب مختلفة الألوان... وتيتي تيتي!المصريون، بحاجة إلى الاستقرار السياسي لتوفير لقمة العيش الكريم لثمانين مليوناً من البشر، ومصر الآن أمام مفترق طرق، أمامها الدرب التركي كنموذج للتنمية والحرية، أو النموذج الطالباني كمثال للدولة الأصولية المتحجرة، وهناك خشية من أن يُحشَر "الإخوان" في زاوية لا يجدون فيها أمامهم غير الدرب الثاني، وهذا يعني كارثة على مصر وعلى الأمة العربية كلها، وهذا مستبعَد بحكم وضع مصر الإقليمي والدولي. مصر هي مركز الجاذبية للتغيرات العربية، لنراقبها جيداً.