نحن في العالم العربي لا نعاني قلة الأعمال الأدبية الإبداعية التي تصدر كل عام، ولكننا لا ندّعي أيضاً أنها تماثل بوفرتها ما ينتج في العالم من حولنا. ولكن الأزمة الحقيقية التي نعيشها هي أزمة نقد الأعمال الأدبية والأعمال الروائية بالذات. هناك حركة إبداعية جيدة ومبشرة تعمل بجناح واحد ولا تصاحبها دراسات أدبية لضمور الحالة النقدية أولا وللفجوة الكبيرة بين الجيل الشاب الذي يتصدى للكتابة والجيل الناقد ثانيا. شبابية العمل الأدبي كما يبدو لا تشجع الناقد على متابعة هذا النتاج ربما لعدم ايمانه بما يقدمه الشباب وعدم ثقته بما يقدّم. فندرة كتّاب النقد في الوطن العربي أوجدت لجيل النقاد عذرا في عدم القدرة على اللحاق بالنتاج المتواصل للشباب وليس لنا أن نلومهم في ذلك. الفقر النقدي الذي تعانيه الحياة الأدبية هو غياب الناقد الشاب عن الساحة الأدبية، الغياب الذي يجعلنا نتساءل عن دور المؤسسة الجامعية ومخرجاتها. فمن غير المنطقي مرور عقود من الزمن على هذه المؤسسة دون أن نرى منها ناقدا شابا واحدا، فضلا عن جيل من النقاد الشباب نتوسم فيهم معرفة مواكبة لمدارس النقد الحديث في العالم العربي على الأقل ولا نقول العالمي.

Ad

في السنوات العشر الأخيرة، وفي الكويت تحديدا خرجت مجموعة من الأسماء المبشرة في الشعر والقصة والرواية لا نريد سرد أسماء أصحابها كي لا نترك أحدا بسبب السهو، ولكننا لا نرى ناقدا واحدا مصاحبا لهذه الأسماء باستثناء فهد الهندال الذي يحاول جاهدا في متابعات نقدية هنا وهناك. وغياب الأسماء النقدية المصاحبة للحركة الابداعية جعل المهمة النقدية للأعمال الشعرية والروائية تقع على كاهل الأدباء أنفسهم رغم المساحة الضيقة التى يتحركون من خلالها، وهذه المساحة ليست أكثر من صفحات ثقافية أغلب القائمين عليها من الأدباء والشعراء. كان بودي أن أرجع مسألة غياب النقد لغياب المجلات المتخصصة في الكويت وهو سبب مهم ومؤثر في السلوك النقدي ولكن مطالبتنا بوجود دورية نقدية متخصصة تتطلب ايماننا بتوافر جيل من النقاد الكويتيين يقومون عليها.

ولكي نصل الى حل لهذه المعادلة المعقدة ولإيماننا بعدم قدرة القطاع الخاص على توفير مجلة نقدية متخصصة تليق بالأعمال الجادة التي تصدر لكتابنا، إن شعرا أو رواية وقصة فليس أمامنا سوى الجهة الحكومية ممثلة بالمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب للمساهمة بايجاد دورية فصلية متخصصة وبالامكان الاستعانة بنقاد من الخليج والوطن العربي لدراسة الأعمال الأدبية الكويتية والعربية. فما يصدر اليوم لا يستحق أن يهمل أو يكتفى بعرضه عرضا صحفيا سريعا لا يفيه حقه الابداعي. ونكتفي بالاشارة الى أن كل دول الخليج تصدر عن مؤسساتها الرسمية دورية واحدة متخصصة على الأقل.

• سعود السنعوسي... شكراً

لم أنته بعد من قراءة رواية الشاب الجميل سعود السنعوسي "ساق البامبو" وأسعدني جدا وجوده ضمن روايات عربية للمنافسة على جائزة البوكر. ولكن ذلك لا يعني أنني أتفق مع القائمين على الجائزة في ترك مسألة الخيارات بيد دور النشر وتحكيمها أيضا تحت تأثير هذه الدور. وقد يرجع سبب اخفاق الجائزة وهبوط مستوى أعمالها الفائزة الى ترضيات وسط غياب دور الناقد المتخصص. قرأت خبرا عن وجود الشاعرة نجوم الغانم في لجنة التحكيم. سأكتفي بالخبر دون التعليق عليه!