كلمة راس: وقفة مع الداو وأخواتها
المقال الذي خطه الأخ سامي النصف في جريدة الأنباء أمس الأول السبت من أهم المقالات التي كتبت حول موضوع "صفقة الداو"، وأنا أنصح كل مهتم بهذا الشأن أن يراجعه.***
* المواقع الحكومية ذات المسؤولية الكبيرة، والتي يتمتع أصحابها بصلاحيات واسعة، تتيح لهم اتخاذ قرارات قد تكلف الدولة مئات الملايين، وقد تصل إلى المليارات، يجب أن تكون الرقابة عليهم أشد من غيرهم من الموظفين العاديين الذين لو غاب أحدهم عن الدوام ساعة جوزي بخصم مقابل ذلك الغياب، فكيف بمن قد كلف قراره الدولة سمعتها وملياراتها... نحن هنا لا نتكلم عن النوايا ولا عن جرائم التواطؤ والسرقة والتكسب الحرام، لكننا نتكلم عن الكفاءة، وعن الأخطاء الفادحة التي توجب اتخاذ القرار التأديبي الرادع، وإعفاء العاجزين، أو المهملين، أو المتهاونين عن المسؤولية واختيار أفراد أكفأ منهم وأكثر حرصاً، فالذي حدث ومازال يحدث في المؤسسات النفطية وغيرها من المؤسسات الحكومية المسؤولة عن المشاريع الكبيرة أمر يجب ألا يستمر دون محاسبة فورية بعد كل تعثر لمشروع، أو خسارة ناتجة من خطأ أو إهمال أو استعجال في اتخاذ القرار، فإن لم نفعل ذلك فأبشروا بالخسائر تترى. * تسييس المشاريع الكبرى في الدولة من أخطر المسائل، وهي عملية غالباً ما تؤدي إلى تعطيل تلك المشاريع وزيادة تكلفتها، أو إضاعة الفرصة على الدولة لزيادة دخلها، أو تحسين خدماتها للمواطنين، وإضعاف وضعها التفاوضي مع الشركات العالمية، وتشويش صورتها كموطن جاذب للخبرات العالمية.وهذا بالطبع لا يعني الدعوة إلى امتناع السياسيين عن متابعة تلك المشاريع ومراقبتها وكشف مثالبها، ما دام البحث محصوراً في النواحي الفنية واختيار أحسن الفرص، والتأكيد على المصلحة العامة للدولة، والابتعاد عن نقل المناوشات السياسية بين الفرقاء التقليديين إلى ساحة المشاريع الكبرى ومحاولة كل فريق النيل من الآخر عبر التشويه المتعمد لذلك المشروع لكي يحرج خصمه ويشوه صورته أمام الرأي العام، فينحرف الغرض، وتضيع الفرصة، وتتحقق الخسارة التي يسعى كل طرف إلى تحميل خصمه المسؤولية عنها.لهذا كله فإن على الحكومة أن تسعى إلى تحقيق أعلى درجة من الشفافية والتزام القانون تجاه كل مشروع كبير، وأن تتوجه إلى الرأي العام الكويتي شارحة أهمية المشروع والفوائد المرجوة من تحقيقه والمسار الذي اتخذته لتنفيذ مراحله فلا تكون تلك المشاريع طلاسم يصعب فك رموزها على الخبير المهتم، فيدخل الشك إلى كل قلب بأن وراء الأكمة ما وراءها، وأن سياسة التعقيد والتكتم أمور مقصودة لتغطية ما قد يحدث من أخطاء أو انحرافات.