فتح حكم المحكمة الدستورية القاضي ببطلان مجلس أمة 2012 الباب على مصراعيه للاجتهاد في الرأي القانوني والسياسي المؤيد والمعارض للحكم، وما لبث أن تطور إلى مرحلة النقد غير المألوف، وأحياناً التشكيك في نزاهة الجسم القضائي، وقد عبّر عن ذلك البعض في محاولة لخلط الأوراق وإحداث حالة من التشويش والتأزيم غير المبرر.

Ad

وأياً كانت وجهات النظر المؤيدة أو المعارضة حوله من وجهات نظر ومسوغات ومبررات سياسية وقانونية فإن ما يجب تأكيده، ونحن نواصل الانتقاد بشكل تصاعدي "فج" من أزمة إلى أزمة أخرى أشد وقعاً على الحراك الرسمي والأهلي السياسي والمجتمعي، الالتزام بالأسس الدستورية والمفاهيم الوطنية والديمقراطية التي عمل على خطها وترسيخ وجودها أبو الدستور طيب الله ثراه المرحوم الشيخ عبدالله السالم والرعيل الأول (المؤسسين) من أبناء الكويت وأي خروج أو التفاف على هذه الأسس والمفاهيم يعني دخول الكويت في نفق غير محمود.

وإن كان هذا الالتزام في الإطار العام "النظري" مطلب الأوساط كافة، فإن واقع حال الحراك السياسي الذي نواصل مشاهدته منذ لحظة صدور الحكم حتى يومنا هذا يخالف المنطق الدستوري والقانوني، وما عهدته الكويت من ممارسة للعمل السياسي والديمقراطي سواء على المستوى الرسمي أو الأهلي.

الأخ وزير الإعلام الشيخ محمد العبدالله، وإن كان قد وفق بما قدمه من عرض شامل وواضح للجانب الإجرائي في الحكم الدستوري في حديثه لوسائل الإعلام، وكذلك الأخ جاسم الخرافي رئيس مجلس أمة 2009 وخبراء القانون والدستور، وكتّاب الرأي في صحافتنا الموقرة، فإن الأمر الأهم في كل هذا التعاطي مع الحكم هو بيان الموقف الصحيح حيال من يتحمل المسؤولية جراء من ساهم بصفته القانونية وموقعه التنفيذي بالتسبب في إصدار هذا الحكم سواء كان في الديوان الأميري أو في مجلس الوزراء، إذ إن منطوق الحكم لا يتوقف على حل مجلس 2012 وإعادة مجلس 2009 وإنما بما يترتب على هذا الحكم من نواح دستورية وقانونية تتعلق بما صدر من مراسيم وقوانين وقرارات مؤسساتية وتنظيمية تشمل العديد من الجهات الرسمية في الدولة تلزم بحكم الدستور والقانون اتخاذ الإجراء الصحيح حيالها بصرف النظر عن كل ما يترتب على هذا الإجراء من مواقف.

ووجهة نظرنا في ذلك، وأمام ما يتردد عن تطورات في الموقف قادنا إليها بكل أسف من ادعوا أنهم خبراء في القانون والدستور ممن حظوا بالثقة وشغلوا موقع المسؤولية داخل الديوان الأميري ومجلس الوزراء لتقديم المشورة والرأي القانوني لصانع القرار، هؤلاء لا بد أن يدفعوا الثمن ويتحملوا المسؤولية وأن يكون لديهم الشجاعة بتقديم استقالاتهم، وأن يتخذ بحقهم القرار الموازي لحكم المحكمة الدستورية صوناً لهيبة الدولة والحكم، وتجنباً لأي فوضى محتملة أو ضرر مقصود ومباشر لأي كان.

وعلى هذا نرى بأنه يجب عدم قراءة حكم المحكمة الدستورية وحيثياته بميزان الربح والخسارة، إنما النظر إليه على أنه فرصة لا بد من استغلالها والتوقف عندها مطولاً؛ لتصحيح المسار والتوافق مع القانون واحترام سيادته، كما يفترض استناداً إلى المنطق والحكم الدستوري أن يبادر نواب 2009 بتقديم استقالاتهم، وأن تتكفل الدولة بتعويض نواب 2012 ما تكبدوا من خسائر أثناء حملاتهم الانتخابية بموجب إجراء قانوني يحفظ حقهم بالتعويض الأدبي والمادي تجنباً لأي تحرك فوضوي يسيء إلى الممارسة الديمقراطية التي نفاخر بها، وتثبيتاً لحق مكتسب دستورياً وقانونياً. ودمتم سالمين.