دعوة الأغلبية إلى تشكيل جبهة وطنية جديدة جاءت في الوقت المناسب، ولكن ليس من الجهة المناسبة، فالأغلبية لا تزال مصطلحاً برلمانياً عائماً لا يتعدى أن يكون مجموعة عددية كبيرة اكتسحت الانتخابات الأخيرة التي اعتمدت على شعارات سياسية رائعة من أهمها التصدي للفساد المالي، وخاصة ملف النواب القبيضة والدعوة إلى تغيير رئيس مجلس الوزراء ونهجه في إدارة شؤون الدولة.
ولكن هذه الأغلبية العددية بدأت تفقد أهميتها واكتساحها الشعبي الواسع، خصوصاً مع التطورات السريعة التي نجمت عن حكم المحكمة الدستورية في إبطال مجلس 2012، ودخول ملف الدوائر الانتخابية في اللعبة السياسية، والشعارات الجديدة القوية جداً في بعدها السياسي والمختلف عليها كأولويات، أو في البعد الشرعي تارة وفي البعد الاجتماعي تارة أخرى، خاصة من قبل بعض الإسلاميين وأبناء القبائل.ومن جانب آخر، فقد كان للخطاب السياسي عند الأغلبية وخاصة بعد انتخابات 2012 انعكاس سلبي من جهتين، فلم يستطع أن يكسب أنصاراً ومؤيدين جدداً من جهة، وخسرت بعض مؤيديها من جهة أخرى، وكل ذلك بسبب اعتماد بعض شخصيات الأغلبية على أسلوب التجريح والشتيمة وتركيز البعض الآخر المستمر والمبرمج على لغة الطائفية والتخوين.وفي ظل مثل هذه المتغيرات وتصاعد النشاط الإعلامي والسياسي المكثف للطرف الآخر والأعصاب المتوترة عند الأغلبية، ترقباً لحكم المحكمة الدستورية بشأن الدوائر الذي قد يربك حساباتها للانتخابات القادمة؛ بما في ذلك احتمالات مقاطعة الانتخابات والفتور النسبي للتفاعل مع تجمعات ساحة الإرادة، مقارنة بتلك المدوية أثناء فضيحة الإيداعات المليونية، كل هذا يفرض على الأغلبية مراجعة نهجها وقبل ذلك تشكليها.وتشكيل جبهة وطنية جديدة قد يكون الملاذ الأخير في رسم معالم المستقبل السياسي للكويت، جبهة تكون قادرة على استيعاب أكبر عدد من المواطنين ومن مختلف التوجهات الفكرية والانتماءات السياسية والاجتماعية، وبعيدة بأطروحاتها وشخصياتها عن كل صور التفرقة والتشرذم والتعصب بأشكاله المختلفة، وأرى أن تكون مثل هذه المبادرة من الشرائح الشبابية خصوصاً ممن يقودون الحراك الشعبي اليوم، وليس النواب والمرشحين القادمين لأن المستقبل بما يحمله من نجاحات أو إخفاقات سوف يكون قدرهم ومصيرهم!
مقالات
جبهة وطنية جديدة!
04-09-2012