كتبنا غير مرة في هذه الزاوية عن عدم صحة انفراد الحكومة بتعديل قانون النظام الانتخابي رقم 42/2006؛ ليقيننا أن هذا الإجراء غير دستوري لمخالفته المادة (71) من الدستور، ناهيكم عما سيترتب عليه من آثار ونتائج وتبعات سياسية سلبية كثيرة، قد تمس نظامنا الديمقراطي والدستور ذاته الذي نحتفل هذه الأيام بمرور نصف قرن على صدوره!

Ad

أما الآن وقد قررت الحكومة، وعلى الرغم من معارضة قطاع واسع من المواطنين، أن تتجاوز الدستور وإرادة الأمة، فقامت منفردة بتعديل قانون النظام الانتخابي 42/2006 الذي سبق أن تمت الموافقة عليه من قبل السلطات الثلاث (التنفيذية والتشريعية والقضائية)، وذلك حتى تستطيع التحكم بنتائج الانتخابات القادمة، فتفصلها على مقاسها السياسي؛ ليصبح لدينا "مجلس وطني" جديد لا يختلف كثيرا عن مجالس الشورى الخليجية مع أن الدستور الذي يحكم علاقاتنا العامة وينظمها، لا يعطي لها الحق المطلق بإصدار أو تعديل أي قانون أثناء غياب مجلس الأمة الذي يمثل الإرادة الشعبية، أي الطرف الآخر في المعادلة السياسية والديمقراطية، لهذا فإنه لم يتبق من خيار أمام من يحترم الدستور فعلاً، ويحرص على تطوير نظامنا الديمقراطي سوى إعلان رفضه لهذا القرار بكافة الوسائل السلمية والدستورية المتاحة، ومنها مقاطعة الانتخابات القادمة ترشيحاً وتصويتاً والامتناع عن حضور المقار الانتخابية، وهو الأمر الذي اتضح جلياً منذ اللحظات الأولى لإعلان الحكومة قرارها، مما سيجعل سيناريو المقاطعة الشعبية لانتخابات "المجلس الوطني" غير الدستوري الذي أنشئ عام 1990 كبديل لمجلس الأمة تتكرر مرة أخرى لكن بشكل أشمل وأوسع هذه المرة.

 ليس ذلك فحسب، بل إن جميع القوى والتيارات والكتل السياسية والمجاميع الشبابية، قد أعلنت عزمها ترتيب ندوات جماهيرية واجتماعات عامة، فضلاً عن القيام باحتجاجات ومظاهرات ومسيرات شعبية واسعة مثل مسيرة "كرامة وطن"، وهو الأمر الذي ينبئ باستمرار الأزمة السياسية المحتدمة وتفاقمها؛ مما سيترتب عليه ارتفاع سقف المطالب الشعبية التي من المتوقع أنها لن تتوقف عند موضوع رفض العبث الحكومي بالنظام الانتخابي، بل ستشمل المطالبة بإصلاحات سياسية ودستورية جذرية وشاملة تخرجنا من حالة الدوران السياسي في الحلقة المفرغة، وهو ما سيتحقق عاجلاً أو آجلاً.