من جديد... الجماعات الإسلامية وتحدي الحريات
إن كان صحيحا أن لكتلة التنمية دورا في إلغاء «ملتقى النهضة» فإن المسؤولية تقع بالدرجة الأولى على عاتق الحكومة التي من المفترض أن تلتزم بالدستور الذي ينص في مادته (36) على أن «حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما، وفقا للشروط والأوضاع التي يبينها القانون».
تطرقنا أكثر من مرة في هذه الزاوية إلى قضية الحريات العامة والشخصية باعتبارها التحدي الأول والأكبر الذي سيواجه الجماعات والقوى الإسلامية التي فازت بأغلبية برلمانية مريحة في أغلب دول الربيع العربي وفي الكويت أيضا، كان آخرها مقالاً بتاريخ 7 مارس 2012 بعنوان "الجماعات الإسلامية وتحدي الحريات..." طرحنا في نهايته تساؤلا حول موقف الجماعات والقوى الإسلامية لدينا من الحريات. وقلنا إن الأشهر القليلة القادمة ستجيب عنه، لكن يبدو أن الجواب سيأتينا أسرع مما كنا نتوقع، وهو ما بدأت مؤشراته واضحة بعد نية "كتلة العدالة" طرح ما سمّي "قانون الحشمة"، وأيضا اقتراح تعديل المادة (79) من الدستور، ثم موقفها السلبي من الحريات الذي قد طبّق على أرض الواقع الأسبوع المنقضي من خلال الموقف المتشدد والحاد جدا الذي عبّر عنه أعضاؤها تجاه انعقاد "ملتقى النهضة" في الكويت، رغم أن الملتقى ليس سوى حوار ثقافي وفكري مفتوح ومنقول مباشرة على وسائل الاتصال الاجتماعي وبعض القنوات الفضائية، تدور محاوره حول بعض الجوانب المتعلقة بالدولة المدنية، كما يراها المحاضرون في الملتقى، والتي ليست بالضرورة أن تكون محل اتفاق من قبل الجميع.وفي هذا السياق فإن من المؤسف أن رفض "كتلة العدالة" وبعض أطراف الجماعات الإسلامية لانعقاد المؤتمر قد شجّع الحكومة على اتخاذ قرار المنع من دون أي مسوغات قانونية، وهذا يعني أن مسؤولية منع الملتقى لا تقع على عاتق الجماعات الإسلامية التي من حقها دستوريا، كما هو من حق الأطراف السياسية والفكرية الأخرى أن تبدي تحفظها أو معارضتها على إقامة أي مؤتمر أو نشاط، لكن هذا الحق يجب ألا يتعدى كونه حرية رأي وتعبير لا تخوّل الحكومة اتخاذ أي قرار غير دستوري مثل منع انعقاد "ملتقى النهضة" الذي تم اتخاذه قبل ساعات معدودة من بدء الفعاليات.من هنا فإنه وإن كان صحيحا أن لكتلة التنمية دورا في ما حصل فإن مسؤولية إلغاء "ملتقى النهضة" تقع بالدرجة الأولى على عاتق الحكومة التي من المفترض أن تلتزم بالدستور الذي ينص في مادته (36) على أن "حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما، وفقا للشروط والأوضاع التي يبينها القانون".أخيرا وليس آخرا... فإننا نتساءل: ترى إذا كان مجرد انعقاد ملتقى ثقافي وفكري قد أثار كل هذه الخلافات السياسية القوية والحادة بين الفرق والجماعات الإسلامية فكيف سيكون الوضع بعد تعديل المادة (79) من الدستور؟!