لماذا خرجوا؟ (2)
رفض مرسوم الصوت الواحد ومجلسه هو رفض سياسي وشعبي واسع ومتنوع لا يمكن أن يشوّهه ما يقوله بعض كتّاب الصحف العنصريين والطائفيين، خصوصاً أولئك الذين ظلوا لسنوات طويلة مضت يتبجحون أنهم يدافعون عن الدستور والديمقراطية والحريات، أو ما تركز عليه بعض الصحف والفضائيات التي فقدت مصداقيتها ومهنيتها.
![د. بدر الديحاني](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1472378832591788600/1472378876000/1280x960.jpg)
كلا بالطبع، فمسيرات المناطق التي لا نتفق مع توقيتها ومكانها ونتمنى توقفها، هي عبارة عن شكل من أشكال الاحتجاج السياسي السلمي الذي يطرح مطالب سياسية محددة (شعارها هو "كرامة وطن"، ومطالبها الحالية احترام الدستور وإسقاط مجلس الصوت الواحد)، والتصرفات الفردية التلقائية تبقى فردية ومرفوضة. وقد لاحظ الجميع أنها تترافق دائماً مع استخدام العنف المفرط من قبل القوات الخاصة، وانتهاك حرمات المنازل، أي أنها تكون نتيجة من نتائج القمع وليست سبباً له، فجميع المسيرات سواء "كرامة وطن" أو مسيرات المناطق المختلفة التي لا تتدخل فيها القوات الخاصة تسير بهدوء، وسرعان ما ينفض المتظاهرون بعد أن يقولوا ما لديهم، وعادة لا تمتدحها الصحف والفضائيات غير المهنية لأنها لا تجد بضاعتها فيها كما حصل أكثر من مرة في محافظة الجهراء وغيرها وفي "كرامة وطن 3 و4".أما أعمال الشغب فتمثل تعديات صارخة في خروجها على القانون، من ضمنها مهاجمة قوى الأمن والتشابك معها وتعطيل المرافق العامة وتحطيم المحال التجارية، وعمليات النهب المنظم والسرقة الواسعة، وإضرام الحرائق في الطرق العامة، وهو ما لم يحصل قط في المسيرات الشعبية (التظاهرات) لدينا رغم استخدام القوات الخاصة أحياناً للعنف المفرط.نشير أخيراً إلى أن رفض مرسوم الصوت الواحد ومجلسه هو رفض سياسي وشعبي واسع ومتنوع لا يمكن أن يشوّهه ما يقوله بعض كتّاب الصحف العنصريين والطائفيين، خصوصاً أولئك الذين ظلوا لسنوات طويلة مضت يتبجحون أنهم يدافعون عن الدستور والديمقراطية والحريات، أو ما تركز عليه بعض الصحف والفضائيات التي فقدت مصداقيتها ومهنيتها؛ لأن لأصحابها مصلحة مباشرة في بقاء الوضع السيئ الحالي، إذ إن العمل الوحيد لهؤلاء في هذا المنعطف السياسي الحرج هو خلط الأوراق وتزييف الحقائق والتدليس على الناس، تارة بادعاء أن الصراع السياسي الحالي مرتبط بأجندات خارجية ("الإخوان المسلمين" وبعض الدول الخليجية المجاورة)، وتارة أخرى بتصويره زوراً وبهتاناً بأنه صراع فئوي (بدو وحضر) رغم عدم وجود أساس موضوعي أو دستوري لهذه المصطلحات التي عفا عليها الزمن وتجاوزها الواقع منذ عقود طويلة.