وطن
![ناصر الظفيري](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1497859964459581700/1497859964000/1280x960.jpg)
توني موريسون أرسلت مخطوطها الأول "العيون الأكثر زرقة" الى الناشر باسم توني موريسون وليس باسمها الحقيقي كلوي ووفرد وحين اتصلت لتغيير الاسم قال الناشر ان الكتاب قد طبع. لم يكن الناشر متشجعا لنشره ولكنه الكتاب الذي وضعها على خارطة الأدب الأميركي كقوة ثقافية وثقل ابداعي، ثم حقق كتابها "محبوبة" 1987 جائزة البوليتزر والذي أطلق عليه النقاد لقب أفضل رواية في خلال ربع القرن الماضي. كتابها الأخير "وطن" يبحث في المضامين ذاتها التي عاشها الرجل الأسود في أميركا، ليس تحت أغلال العبودية كما في "محبوبة" ولكن تحت أغلال فقدان المكان. حين يضطر لمغادرة وطنه ليس بسبب رسمي أو تحت عنف السلطة ولكن تحت العنف الشعبي. فرانك موني الذي عاش أهوال الحرب الكورية في الخمسينيات من القرن الماضي وأهوال الازاحة في بلدته حين تم تهجير عائلته من منزلهم وحقلهم ليعمل والداه في حقول جورجيا لكسب قوتهم."أن تكون في بيتك، تعيش لسنوات" يتذكر فرانك "ويجبرك رجال يحملون شارات الشرطة أو لا يحملونها لكنهم دائما يحملون بنادقهم أن تغادر أنت وعائلتك وجيرانك، بأحذية أو حفاة" على المقيمين أن يغادروا خلال أربع وعشرين ساعة والا... والا هنا تعني الموت. رجل مسن اسمه كروفورد جلس على منصة بيته ورفض الرحيل. ضرب حتى الموت بالعصي وأخماس البنادق وتم ربطه الى شجرة الماغنوليا العتيقة، الشجرة التي في ساحة بيته. بعض الجيران المهجرين عادوا اليه، فكوا وثاقه ودفنوه تحت الشجرة التي أحبها. أحدهم قال لمن يستمع له ان عيني السيد كروفورد قد تم اقتلاعهما.ما يتذكره فرانك في طفولته ليس أقل ضراوة مما عاشه في أرض المعركة وما عاد اليه في بلده لا يقل عنفا أيضا. في حالاته المتنقلة يصبح الوطن حالة من الوهم ليس لها أن تتحق. "وطن" رواية موريسونية بكل تفاصيل الحب والعنف والفقد ليست معاناة بطلها وحده بل معاناتنا جميعا في عالم ليس لصخبه أن يهدأ.