القذافي وحريمه
كانت محاكمة كلينتون أشهر محاكمة لرئيس في سدة الحكم بعد تورطه في فضيحة علاقته مع شابة متدربة في البيت الأبيض تدعى مونيكا لوينسكي، ونجح خصومه في إسقاط الحصانة عنه وجره إلى محاكمة علنية قامت الصحافة خلالها بتحليل كل حركة وسكنة تصدر عنه أمام الرأي العام، وما قاله وما لم يقله صاحبها تحليلاً دقيقاً عن حركات الجسد، قائلة إن الذي يلمس أنفه أثناء الحديث يكذب.
من ضمن الذين شاهدوا محاكمة كلينتون سيدة اسمها أم سليمان، واستطاعت بمساعدة ولديها المتخرجين في أميركا فهم بعض ما يدور، لكنها أخذت تبالغ في الثقة حين اعتمدت على نفسها في تحليل زيارة رئيس وزراء إسرائيل في ذلك الوقت للرئيس كلينتون وهو يحاكم، فعندما مال إليه ووشوشه في أذنه تبرعت هي هذه المرة بترجمة المشهد لولديها قائلة: "لا بد أنه يسأله عن المرأة صاحبة الفضيحة". كنت أظن أن تحليل أم سليمان مبالغة طريفة، لكنني اكتشفت بعد ذلك أنها صادقة، فالرؤساء يجدون وقتاً للسؤال عما يخص العشيقة كما فعل رئيس الوزراء الإيطالي السابق سيلفيو برلسكوني، فقد ذكرت صحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية أن برلسكوني سأل الرئيس المصري السابق مبارك حين زار إيطاليا سؤالاً من "طرف المرأة" وإن كان يعرف فتاة اسمها روبي، ثم كشف لاحقاً أنه كان يظنها حفيدته، لكن مبارك لم يعرفها ودهش من سؤاله، وعلى الرغم من أن روبي فتاة مغربية وليست مصرية لكنهن في إيطاليا واحد، عربيات في الأخير. وقد تكون هذه واحدة من "كذبات" روبي على برلسكوني، إذ أوهمته أنها حفيدة مبارك فراح يتحقق من الأمر، إلا أن هذه ليست وقعة برلسكوني الوحيدة مع روبي، فالمشي مع فتاة يقل سنها عن 18 عاماً جريمة يحاكم عليه القانون، وروبي كان عمرها 17.ما أردت قوله إنك تستطيع أن تتعرف على فضائح الحكام الغربيين، وهم أحياء لأن القانون لا يحميهم ولا يغطي عوراتهم. ونشر فضائحهم وهم أحياء يضبط المسألة من الطرفين، الفاضح والمفضوح، فالمفضوح يمكنه دحض التهمة لو كانت كذباً أو الاعتذار عنها مثلما حدث مع كلينتون وحاكم كاليفورنيا الممثل شوارزنيغر، كما أن الطرف الفاضح لا يستطيع أن يفبرك الأخبار خوفاً من تعرضه للمحاكمة أو الغرامة، لكننا لا نعرف عن فضائح الحكام العرب حتى يموتوا أو حين تطيح بهم ثورة شعبية بعدها يمكنك أن تقرأ عنهم ما تشمئز له النفس، وما لا يمكنك تصديقه من شدة قبحه، كما جاء في الكتاب الذي ألفته أنيك كوجان، الصحافية في جريدة "لو موند" الفرنسية بعنوان "فرائس القذافي"، والذي تضمن شهادات مرعبة ومؤلمة لعدد من الفتيات والنساء أجبرن على الدخول ضمن حريم القذافي وتعرضن للاغتصاب ومعاملة مهينة، ورغم أن ما فعله القذافي بشعبه في حياته وفي ثورتهم ضده هو بنفس السوء، لكن لم ينقص القذافي بعد كل هذه الفضائح إلا أن نعرف أنه كان يأكل لحم البشر، ورغم كل هذا فإن هذه السيكولوجية استطاعت أن تحكم شعبها أربعين عاماً، وحين ثار عليه شعبه قال لهم يا جرذان. أليس هذا أمراً غريباً؟!