مرافعة : من ينصت لبطلان الانتخابات المقبلة؟!
لو صدقت التسريبات الصحافية في عزم الحكومة حل مجلس 2009 والدعوة لانتخابات جديدة وفق نظام الدوائر الخمس، بعد صرف الحكومة النظر عن اللجوء إلى المحكمة الدستورية للدفع بعدم دستورية قانون الدوائر الخمس، وبصرف النظر كذلك عن إصدار مرسوم ضرورة لتعديل الدوائر بعد حل مجلس 2009، فإن الحكومة تكون بذلك قد جعلت إرادة الناخبين والعملية الانتخابية المقبلة عرضة للبطلان من قبل المحكمة الدستورية، فيما لو تم الطعن عليها بالبطلان وبعدم دستورية الدوائر الخمس من الناخبين أو المرشحين الذين لم يتمكنوا من النجاح في الانتخابات المقبلة وحينها سيتكرر مشهد بطلان مجلس 2012 الذي قررته المحكمة الدستورية في حكمها الصادر في 20 يونيو الماضي.وإزاء عدم رغبة الحكومة في المواجهة لحسم قضية دستورية الدوائر الانتخابية الخمس وترك المحكمة الدستورية لتقرير أمر دستورية الدوائر الخمس للطعون الانتخابية المقبلة، هو قبول منها لأي بطلان يتقرر للعملية الانتخابية المقبلة وبذات الوقت قبولها لإهدار العملية الانتخابية المقبلة تحت وطأة البطلان المتوقعة.
غلطة الحكومة بعد حل مجلس 2009 في أنها لم تلتفت الى الآراء الدستورية التي تحدثت عن بطلان مرسوم الحل ومناقشة وجاهة الآراء الدستورية التي أثيرت وتأثيرها على العملية الانتخابية وببطلان انتخابات مجلس 2012 لبطلان مرسوم الدعوة لها لأن مرسوم حل مجلس 2009 مصاب لعيب نال إحراءات مرسوم الحل، والغلطة اليوم قد تتكرر لعدم إنصات الحكومة لرأي الخبراء الدستوريين الذين قرروا ببطلان العملية الانتخابية المقبلة فيما لو أقيمت وفق قانون الدوائر الانتخابية الخمسة لإخلاله بقواعد العدالة والمساواة، وبالتالي فإن تقرير المحكمة الدستورية لبطلان العملية الانتخابية المقبلة بعد قضاء المحكمة الدستورية المتوقع لقانون الدوائر الانتخابية الخمسة لن يكون مفاجئا للجميع فيما لو قضت به المحكمة الدستورية لما أخذته هذه القضية تحديدا من مجال واسع للبحث في شأن عدم دستورية قانون الدوائر الحالي، وبالتالي فإن إجراء الانتخابات المقبلة رغم التحذيرات ببطلانها هو تسليم حكومي متعمد ببطلان العملية الانتخابية المقبلة!أما بشأن التحذيرات الشعبية التي يطلقها بعض نواب المجلس المبطل للحكومة بعدم المساس بقانون الدوائر الخمسة فهي الأخرى لن تنفع، فيما لو قضت المحكمة الدستورية ببطلان العملية الانتخابية وقررت مرغمة إلى إهدار إرادة الناخبين لعدم دستورية القانون، فحينها ستكون الحكومة هي الملامة بسبب عدم سماعها لرأي الخبراء الدستوريين في معالجة قضية الدوائر.الأمر الأخير، فإن لجوء الحكومة إلى المحكمة الدستورية للدفع المباشر بحسب ما أجاز لها قانون إنشاء المحكمة الدستورية بعدم دستورية قانون الدوائر الانتخابية الحالي سيكشف أمام الجميع سلامة الآراء الدستورية التي حذرت من عدم سلامة قانون الدوائر الانتخابية الخمسة أو حتى عدم سلامتها، وبالتالي فإن الذهاب للمحكمة الدستورية لا يهدف إلى إطالة عمر مجلس 2009 بحسب ما يردد البعض وإنما الهدف تحصين العملية الانتخابية المقبلة من البطلان، فلو قضت المحكمة الدستورية إذا ما لجأت لها الحكومة برفض الدعوى الدستورية التي أقامتها الحكومة بقانون الدوائر الانتخابية الحالي فذلك يعني سلامة قانون الدوائر وبالتالي سلامة الانتخابات المقبلة، وبعكس ذلك تماما فإن عقد الانتخابات المقبلة دون التأكد من سلامة القانون سيعرضها للبطلان، ولذلك فلجوء الحكومة إلى المحكمة الدستورية غايته تحصين العملية الانتخابية المقبلة من البطلان.