«مندلي»... مسرحية قدمت فكراً ومتعة وفرجة

نشر في 15-10-2012 | 00:01
آخر تحديث 15-10-2012 | 00:01
No Image Caption
المخرج صاغ نصه القوي على خشبة المسرح
نجح الفنان عبدالله التركماني في تقديم أولى تجاربه الإخراجية المسرحية عبر «مندلي».
جاء العرض الثالث في المسابقة الرسمية لمهرجان أيام المسرح للشباب التاسع، ليزيح الستار عن مخرج واع يعرف أدواته ويقدم نصه الخاص على خشبة المسرح، عبدالله التركماني خاض أولى تجاربه الإخراجية من خلال «مندلي» لفرقة الجيل الواعي بامتياز.

نص «مندلي» كتبه د. جواد الأسدي، وهو مقتبس عن المسرحية التراجيدية «فويسك» للناقد والكاتب الألماني جورج بوشنر، الذي كتب قبلها مسرحية «موت دانتون» عن الأيام الأخيرة في حياة بطل الثورة الفرنسية وشهيدها دانتون.

أما نص «فويسك» فيتحدث عن الجندي فويسك المضطهد المغلوب على أمره، لا يستطيع مواجهة النظام الدكتاتوري الممثل بالضابط.

في «مندلي» إشارة لمدينة عراقية كانت مزدهرة لعقود مضت، أصبحت بعدها الخط الأمامي في جبهة الحرب العراقية – الإيرانية في ثمانينيات القرن المنصرم.

المخرج التركماني قدم نصه الخاص ورؤيته الإخراجية من خلال الجندي «مندلي» كفرد مسحوق يختزل عموم الناس المغلوب على أمرهم والذين يرزحون تحت وطأة الأنظمة الدكتاتورية ويجسدها هنا الضابط، فهذا الضابط الجشع يمارس شتى أنواع الضغط منها الجسدي والنفسي وحتى الكلامي على «مندلي» ليخلو له الجو فيخونه مع زوجته الحسناء «ماريا».

الفعل المسرحي كان حاضراً عبر تطور الحكاية من بداية ووسط ثم نهاية، كما رسمت ديناميكية هذا الفعل خطاً هرمياً اتجه بتصاعد من خلال الصراع الذي يصل نحو تعقيد معين في الذروة ثم يهبط إلى الحل.

واللافت في العمل استنساخ الجو الدرامي الذي يصور أنواعاً من الصراع كلها تؤدي إلى حبكة رئيسية واحدة، فالكل يتأثر بما يحصل مع الجندي المسحوق المضطرب، وذلك من خلال استخدام تقنية التصوير «السلويت».

واستطاع التركماني استغلال الفضاءات، الفضاء المسرحي، والفضاء الدرامي، والفضاء اللَّعبي (التمثيل)، وصنع إرشاداته الإخراجية.

وقدم معادلة إيقاعية سليمة لعناصر العرض المسرحي كالتعبير الكلامي وتبادل الحوار والصمت أيضاً والإضاءة المتغيرة والموسيقى والمؤثرات السمعية والبصرية وحركة الجسد وغيرها.

وأجمل مشاهد العرض هو انقسام الديكور وهو للديكوريست عبدالله غضنفري من غرفة مندلي إلى ثلاثة أجزاء يمثل الأول غرقة نوم ماريا والثاني لغرفة مندلي والثالث موقع الضابط في ليلة اللهو والرقص، مقدماً سينوغرافيا بصرية رائعة، وبوجود الفرقة الموسيقية الحية في الأعلى كخلفية، وكدلالة على الحالة النفسية لمندلي المتصاعدة.

أما الممثلون فقد أجاد الممثل حمد أشكناني تجسيد شخصية الجندي مندلي المجرد من إنسانيته، والمفاجأة ضاري عبدالرضا الذي أظهر امكاناته التمثيلية الجميلة والحضور المسرحي، وقدم علي الششتري شخصية مندلي المستنسخة بتميز والتي تمثل الجانب العكسي لمندلي المستضعف، أما تحرير الزامل فهي بحاجة إلى التدريب أكثر على الإلقاء والتلوين الأدائي الصوتي.

يبقى أن نقول ان «مندلي» التركماني قدمت فكراً ومتعة وفرجة، يجب أن يعاد تقديمها للجمهور.

back to top