في حالة رفض المحكمة للطعن الحكومي، فلا يوجد مخرج دستوري أمام الحكومة سوى حل مجلس 2009 وإنهاء الفراغ الدستوري بالدعوة إلى انتخابات عامة خلال 60 يوماً، ومن المتوقع أن يرتفع خلال الاستعداد لها سقف مطالب الإصلاح السياسي والديمقراطي، خصوصاً أن الأجواء السياسية سواء المحلية أو العربية مهيأة جداً.

Ad

تمثل بعض التواريخ علامات فارقة في حياة الشعوب وتطورها الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، وبالنسبة لنا فسيمثل تاريخ 25 سبتمبر 2012 (غداً) علامة مفصلية ومنعطفاً سياسياً مهماً في تاريخنا السياسي، والسبب هو أن حكم المحكمة الدستورية بطعن الحكومة في عدم دستورية المادتين الأولى والثانية من القانون رقم (24) لسنة 2006 بإعادة تحديد الدوائر الانتخابية لعضوية مجلس الأمة سيصدر في هذا اليوم، والذي من المتوقع دخولنا بعده في مرحلة سياسية جديدة لا أحد يمكنه الجزم بما سيترتب عليها من نتائج وآثار وتداعيات سياسية سواء حكمت المحكمة الدستورية بعدم الدستورية أو رفضت الطعن.

في حالة رفض المحكمة للطعن الحكومي، فلا يوجد مخرج دستوري أمام الحكومة سوى حل مجلس 2009 وإنهاء الفراغ الدستوري بالدعوة إلى انتخابات عامة خلال المدة الدستورية (60 يوماً)، ومن المتوقع أن يرتفع خلال الاستعداد لها سقف مطالب الإصلاح السياسي والديمقراطي، خصوصاً أن الأجواء السياسية سواء المحلية أو العربية مهيأة جداً.

أما في حالة قبول الطعن والحكم بعدم دستورية القانون فسيكون الوضع السياسي أشد تعقيداً وأكثر إرباكا للحكومة، إذ لن يكون أمام الحكومة من خيار سوى إصدار قانون بمرسوم ضرورة (مادة 71)، وهو الأمر الذي يعني انفراد الحكومة بتعديل الدوائر الانتخابية ونظام التصويت مما سيتيح لها التحكم في نتائج الانتخابات البرلمانية بالشكل الذي قد لا يكون مقبولاً حتى لمن وقف معها خلال الشهور القليلة الماضية!

وبالتالي، فإن من المرجح جداً أن تجد الحكومة صعوبة بالغة في كسب رضا القوى السياسية التي شجعتها على المضي في الطعن بعدم دستورية المادتين الأولى والثانية من قانون (24) لعام 2006، ودافعت عن ذلك بمبررات متهافتة سياسياً وغير مقنعة شعبياً لاسيما أنه لا توجد آلية واضحة ومحددة دستورياً لكيفية "إشراك القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني" في رسم خريطة توزيع الدوائر الانتخابية، وهو "الشرط" الذي تضعه القوى السياسية التي أيدت الطعن الحكومي في دستورية النظام الانتخابي، مما سيزيد من إحراجها سياسياً أثناء الانتخابات العامة ويؤثر في مصداقيتها السياسية أمام الرأي العام.

وإذا ما أضفنا إلي ذلك مواقف القوى السياسية والشبابية المعارضة للطعن الحكومي من الأساس والتي ينوي بعضها، كما ورد، مثالاً لا حصراً، في بيانات وتصريحات ما يسمى "الأغلبية" و"نهج"، مقاطعة الانتخابات العامة والقيام باحتجاجات سلمية متنوعة ومستمرة لن تتوقف ما لم تتحقق مطالب الإصلاح السياسي والدستوري الجذري، فلنا أن نتصور ما سيمثله حكم المحكمة الدستورية يوم الثلاثاء 25 سبتمبر 2012 في التاريخ السياسي لوطننا.