في تطور يثير المخاوف من أن ما قيل إن الإخوان المسلمين في مصر يريدون الديمقراطية كبطاقة لاتجاه واحد، وإنهم لن يكونوا، حتى إن هم لجأوا إلى طلاء أنفسهم ببعض التحسينات الديكورية، إلا حزباً شمولياً مثل كل الأحزاب الشمولية التي حكمت في العديد من دول المنطقة، أن ناطقاً رسمياً باسمهم ادَّعى قبل أيام أن "الجماعة" مستهدفة وأن الرئيس محمد مرسي مستهدف وأن هناك حملة إعلامية منظمة تسعى لتشويه صورة الحركة الإسلامية وكل رموزها، وبخاصة وعلى وجه التحديد رئيس الجمهورية! وفي الاتجاه ذاته، أكد وزير الاستثمار المصري أسامة صالح، ربما نيابة عن وزير الإعلام صلاح عبدالمقصود الذي هو "إخواني" أيضاً مثل زميله، أن الحكومة المصرية ستقوم بسحب التراخيص من القنوات الفضائية التي تتعمد نشر "الشائعات والأكاذيب"! التي تؤثر في الاستثمارات الوافدة، كما دعا مجلس الوزراء الذي يرأسه هشام قنديل في أول بيان له إلى "ضرورة تحقيق الاستقرار الأمني ومعالجة الانفلات الإعلامي باعتبارهما الوسيلة الحقيقية لتشجيع الاستثمارات الوافدة التي تخلق فرصاً جديدة". وكان وزير الإعلام الجديد صلاح عبدالمقصود، الإخواني المتشدد والذي لم يكن في أي يوم من الأيام من رموز الصفوف الأولى في الصحافة المصرية، قد استبق بيان حكومة قنديل هذا المشار إليه بالقول إن تطبيق العقوبات على القنوات الفضائية المخالفة لميثاق الشرف الإعلامي يهدف إلى تحسين مناخ وبيئة الاستثمار في السوق المصري وطمأنة المستثمرين الأجانب نظراً لتأثر ثقتهم برواج المعلومات المغلوطة. إذاً نحن بانتظار أن يتعرض الإعلام المصري بكل وسائله، المقروء والمرئي والمسموع، إلى مجزرة كالمجازر التي ارتكبها نظام حسني مبارك والتي ارتكبت ولاتزال ترتكب في العديد من الدول العربية، فالتهمة جاهزة: "إن الرئيس محمد مرسي مستهدف إعلامياً... إضافة إلى الإخوان المسلمين وإن بعض القنوات الفضائية تتعمد نشر الشائعات والأكاذيب التي تؤثر في الاستثمارات الوافدة"، والواضح أن هذه "المجزرة" الإعلامية المتوقعة ستُرتكب تحت لافتة المس بالأمن الاقتصادي، وهي الحجة التي ارتُكب تحت لوائها الكثير من عمليات قمع الصحافة والصحافيين في مصر نفسها في العهد السابق، وفي العهد الذي سبقه، والذي سبق الذي سبقه بعد "ثورة" الضباط الأحرار بقيادة جمال عبدالناصر عام 1952... وقبل ذلك. وبالطبع، فإننا لا نتمنى هذا على الإطلاق، لاسيما أننا بقينا نلعن الظلام سنوات طويلة ولانزال نلعنه، وأننا بدأنا نستبشر خيراً بأن هذا الربيع العربي الذي غشي مصر وتونس وليبيا وأيضاً اليمن، وإن بحدود معينة وبطريقة مختلفة، والذي تحط رحاله الآن في سورية "سيجُبُّ" ما قبله لتصبح مسؤولية الإعلام الأولى أن يستهدف من هو على قمة هرم المسؤولية وأن يستهدف الحزب الحاكم، وبخاصة إذا كان حزباً دينياً يستخدم الدين لإرهاب كل من يخالفه الرأي ولإخراس صوت كل من يعترض على ممارساته الحكومية وغير الحكومية.
أخر كلام
توجهات لا تبشر بالخير!
11-08-2012