لا أدعي شرف المعرفة بالأمور الفقهية، فهذا العلم له رجاله وعلماؤه الأفاضل وهم الأقدر على الخوض فيه وتفسيره، ولكنها وجهة نظر قد تصيب وقد تخطئ، فهل يعقل أن تكون المرأة هي محور الدين، ويقتصر هذا الدين العظيم بالتركيز عليها وعلى المواضيع المتعلقة بها، مثل لباسها- الحجاب والنقاب والشادور والعباءة- وولايتها لا تجوز، وسفرها حرام، وصوتها عورة، وقيادتها للسيارة حرام، ومنع الاختلاط وغيرها؟!

Ad

ثم موضوع الارتباط بها بزواج شرعي أو عرفي، مسيار أو متعة، زواج صداقة أو بنية الطلاق وغيرها، حتى وصل الأمر إلى جعل المرأة جائزة لمن يجاهد في سبيل الله بأن يحظى بسبعين من الحور العين في حالة تفجير نفسه في جمع من الناس- نساء وأطفال وشيوخ- قد يكون بينهم من هو أكثر تقوى وذكراً للرحمن من "المجاهد"!

ولعل أطرف ما رأيت من خلال الرسائل الإلكترونية الفتوى التي أطلقها أحد الدكاترة بتحريم استخدام مطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة لأن تصميمه يشابه امرأة مستلقية على ظهرها.

لقد غدت المرأة أكبر شرور الدنيا، وهي الفتنة الكبرى، لكن ألا يمكن أن يكون الرجل أيضاً فتنة للمرأة؟ إذن... لماذا لا توضع ضوابط لملبسه وحياته ليكون هناك عدالة بين طرفي الحياة في هذا الكون؟ لماذا أعطى الرجل نفسه كل الحقوق وسلب المرأة أبسط الحقوق الحياتية؟

إن عظمة هذا الدين ليست في التشدد والتعقيد، ووضع قوانين للحشمة، وهدم الكنائس، وتنصيب شرطة للآداب، وغيرها من أساليب التشدد بعيداً عن اللطف والتيسير، كما قال الله سبحانه وتعالى: "وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ"، كما أن هذا الدين العظيم يدعو إلى الاستدلال على الخالق جلّ وعلا بالتفكير في ملكوت السموات والأرض.

ويخطر على البال هنا حادثة جرت في مقر رئيس البعثة في مدينة لاهاي في مملكة هولندا، وذلك عندما كنت سفيراً لبلدي هناك، وذلك بحضور عدد من رجال الكويت الأعزاء، وعلى رأسهم الشيخ الفاضل أحمد الفلاح وأحد الأصدقاء من دولة قطر الشقيقة إضافة إلى أحد الشباب الهولندي المسلم، والذي أطلق على نفسه اسم "محمد"، وقد طلب الحضور منه أن يحدثنا عن طريقة إسلامه ودخوله في هذا الدين العظيم.

أخذ السيد محمد نفساً عميقاً وبدأ يتحدث بشجون قائلاً، في إحدى الأمسيات، وعندما كنت عائداً إلى منزلي في إحدى المدن الهولندية، رأيت على جانب الطريق إعلاناً يتضمن الدعوة لحضور ندوة بعنوان "حياة النبي محمد"، فذهبت إلى المكان الذي غص بالحضور، وجلست مستمعاً بكل حواسي، انتهت الندوة لتظل كلمات المتحدثين عن عظمة الرسول محمد وحياته وأخلاقه عالقة في ذهني. وبعد أيام ذهبت إلى نفس المكان واستمعت إلى حديث رائع عن الإسلام وأركانه.

أخذت أتردد على المكان وحضور الندوات وكل يوم يزداد حبي وتعلقي بالرسول العظيم، حتى حانت اللحظة الحاسمة في حياتي فذهبت إلى المركز الإسلامي وأعلنت إسلامي، ولكم أن تتخيلوا كيف تغيرت حياتي، وقد كنت ممن لا دين له.

لم أكتفِ بذلك فقمت بأداء فريضة الحج، وعدت منها أكثر إيمانا ويقيناً، ولأني أحب والدتي وأتمنى لها الخير فقد دعوتها إلى الإسلام فأسلمت، ثم دعوت والدي الذي أحبه فأسلم، وأنا الآن أدعو جيراني وأصدقائي لعل الله يهديهم للإسلام.

وبعد... بودي أن أوجه استفساراً إلى مشايخنا الأفاضل أيها أجدى وأنفع للإسلام والمسلمين هذا الشاب الهولندي المسلم "محمد" الذي يدعو إلى الإسلام بصمت واقتناع واستدلال على هذا الدين، أم هذا الكم الهائل من الفتاوى، أم دعم بعض الجماعات المتشددة؟

وليحفظ الله الكويت وقيادتها وأهلها من كل سوء ومكروه.