يخلط البعض بسوء نية بين الموقف الرافض لقيام الحكومة منفردة بتعديل نظام التصويت في الانتخابات العامة، والاختلاف السياسي مع بعض مواقف ما يسمى "كتلة الأغلبية"، رغم أنه لا رابط بينهما البتة، بمعنى أن رفض انفراد الحكومة بتعديل نظام التصويت، وهو ما ترفضه "الأغلبية" أيضاً لا يعني بالضرورة تطابق المواقف معها في القضايا السياسية الأخرى؛ لأننا الآن أمام قضية محددة لها علاقة مباشرة بالدستور، وعلى هذا الأساس تتحدد المواقف ويتشكل الاصطفاف السياسي.

Ad

كما يخلط البعض وبسوء نية أيضاً بين عدم الرضا عن النظام الانتخابي الحالي ومعارضة إطلاق يد الحكومة بتعديله عن طريق "مرسوم ضرورة"، رغم أنه لا رابط بينهما البتة؛ لأن الخلاف السياسي المحتدم الدائر الآن لا يتعلق بعيوب النظام الانتخابي التي يتفق الجميع على وجودها، بل إن الخلاف هو حول آلية تعديله المحددة دستورياً عن طريق مجلس الأمة، وليس "مرسوم الضرورة".

 ففي كتابه المعنون "النظام الدستوري في الكويت" يقول الخبير الدستوري والمستشار بالديوان الأميري الأستاذ الدكتور عادل الطبطبائي ما يلي نصاً: "أما إذا كان مجلس الأمة قد صدر مرسوم بحله، فإن تعديل قانون الانتخاب يتعارض مع المبادئ الدستورية التي تحكم عملية الحل... وعلى السلطة التنفيذية أن تعود إلى الشعب لتحتكم إليه في هذا الأمر... ولا شك أن تحكيم الشعب في الخلاف الدائر بين السلطتين يتعارض مع الاعتراف بحق السلطة التنفيذية في تعديل قانون الانتخاب عند حلها للبرلمان. فإذا كانت السلطة التنفيذية قد حلت المجلس ثم شرعت بتعديل قانون الانتخاب فإنها بذلك ترسم الطريق الذي يمكنها من ضمان وصول أعضاء جدد يؤيدونها في موقفها من المجلس المنحل، وبذلك تهدر فكرة تحكيم الشعب في الخلاف الدائر بين السلطتين" انتهى الاقتباس.

إذن تعديل النظام الانتخابي من قبل الحكومة منفردة عن طريق "مرسوم ضرورة" يتعارض كما يقول الأستاذ الدكتور عادل الطبطبائي مع المبادئ الدستورية، وهنا أساس الخلاف السياسي الحالي ومنطلقه، وهو خلاف لا يحتمل المواقف الضبابية، فإما أن تكون مع الدستور أو ضده، وهذا لا علاقة له إطلاقا بالمواقف السياسية الأخرى التي قد نختلف فيها مع ما يسمى "كتلة الأغلبية" أو غيرها من القوى والعناصر السياسية التي تطالب حاليا بعدم العبث بنظام التصويت.

نافذة:

ملاحقة الزميل عبدالهادي الجميل الكاتب بصحيفة "عالم اليوم" بسبب ما كتبه يتعارض مع حرية الرأي والتعبير التي كفلها الدستور والمواثيق الدولية، علما أنه قد سبق لمجلس 2012 أن رفض المادة القانونية "الفضفاضة" (مادة "15" من قانون الجزاء الخاصة بجرائم أمن الدولة) التي يقاضي الزميل بموجبها لتعارضها مع الدستور، لكن الحكومة أعادتها، والغريب هنا ألا يكون لجمعيتي "الصحافيين" و"حقوق الإنسان" موقف رافض لعملية ملاحقة الكتّاب وتقييد حرية الرأي والتعبير!