بالرغم من أن حالة الضرورة هي حالة سياسية تقدرها السلطة التنفيذية ممثلة بسمو الأمير والحكومة بحسب نص المادة 71 من الدستور فإن الحكومة، بحسب المعلومات، لم تنصت إلى رأي المستشارين والخبراء الدستوريين إثر نقاش حالة الضرورة التي أقدمت عليها الحكومة في إصدار عدد من المراسيم بقوانين المتمثلة بالمرسوم بقانون بتقليص عدد الأصوات، والمرسوم بالقانون لإنشاء الهيئة العليا للانتخابات، والمراسيم الخاصة بعدد من ميزانيات لمؤسسات وهيئات عامة في الدولة.

Ad

ولا أعلم إن كانت الحكومة نادمة على عدم سماع رأي الخبراء الدستوريين والقانونيين في قضية الخطأ الإجرائي الذي أصاب مرسوم حل مجلس 2009، والذي بسببه انتهت المحكمة الدستورية في 20 يونيو الماضي إلى بطلان مجلس 2012، والانتخابات التي عقدت في 2 فبراير الماضي، وبطلان عضوية من تم إعلان فوزهم، وقررت المحكمة كأثر لذلك البطلان إعادة مجلس 2009، ولكن الحكومة إن استمرت على ذلك النهج فستخسر بالتأكيد كل المعارك القانونية والدستورية التي ستخوضها من جراء عدم سماعها لرأي الخبراء الدستوريين والقانونيين ممن طلبت رأيهم في العديد من القضايا الدستورية والقانونية، ومنها ما يخص مدى توافر الأركان والشروط التي استلزمت توافرها المادة 71 من الدستور، والتي قد تكون سبباً للطعن على كل المراسيم التي أصدرتها أثناء غياب مجلس الأمة.

أعلم تمام العلم أحقية الحكومة في إصدار مراسيم الضرورة، وأن من يراقب هذا النوع من المراسيم هو المجلس وحده، وهو الذي يقدر حالة الضرورة دون غيره، لكن حكم المحكمة الدستورية الصادر في 20 يونيو الماضي أجاز للمحكمة الدستورية أن تمد رقابتها على الإجراءات السابقة على صدور المراسيم، وهي الرقابة التي تملك المحكمة الدستورية أن تمارسها بصفتها محكمة تملك النظر في دستورية القوانين، ولها أن تنظر بالطعن بعدم دستورية المرسوم بقانون الخاص بتقليص الأصوات إلى صوت واحد، أو حتى أن تنظر بأية طعون مقبلة قد تنال من الهيئة العامة للانتخابات، أو حتى مراسيم الميزانيات العامة لبعض المؤسسات والهيئات العامة!

المهم أن كل قرارات الحكومة وخطواتها الدستورية تخضع لرقابة القضاء الدستوري أو حتى الإداري، فيأتي الأخير ليصوب البعض ويلغي الآخر، والأسوأ من ذلك أن الحكومة بدأت تلجأ إلى اتخاذ جملة من الإجراءات والخطوات لشراء ثمن الوقت رغم معارضة مستشاريها القانونيين له، وهو أسلوب عادة ما يستخدمه المحامون من أجل إطالة أمد الدعوى بلجوئهم للقضاء، والغرابة اليوم أن تستخدم الحكومة ذات الأسلوب في إطالة أمد حل قضاياها باللجوء إلى القضاء لكسب المزيد من الوقت!