كتلة الأغلبية... والسقف العالي!
يثار في الساحة حالياً موضوعان: الأول قيام كتلة الأغلبية بمطالبة رئيس الحكومة الشيخ جابر المبارك بإعطائها تسع حقائب وزارية، أي ما يمثل أغلبية حقائب التشكيلة الحكومية، وأن أي حديث عن عدد أقل من ذلك ليس سوى «كلام فاضي» على حد تعبير النائب مسلم البراك الذي صرح بشأن هذا الموضوع. والموضوع الثاني، الحديث بشأن توجه مجموعة من نواب كتلة الأغلبية، من أبرزهم فيصل المسلم وجمعان الحربش وفيصل اليحيى ومحمد الدلال، للتقدم بمشروع قانون لإجراء تعديلات دستورية ستطول على الأقل من سبع إلى ثماني مواد في الدستور، وأنه يجري حاليا التشاور مع النواب والأكاديميين والإعلاميين، على حد تعبير المسلم الذي صرح في هذا الصدد، لاستكمال جوانب الأمر.
وهنا يثور تساؤل لابد من التوقف عنده، هل هذان الموضوعان، يحوزان دعم كامل كتلة الأغلبية؟ أعني أن جميع نواب كتلة الأغلبية يؤمنون حقاً أن حل المشكل السياسي هو بالحصول على تسع حقائب وزارية؟ ويؤمنون كذلك بضرورة إجراء تعديلات دستورية يجب أن تشمل من سبع إلى ثماني مواد دستورية على الأقل؟ أم أن هذه الأفكار يعتنقها أصحابها فقط؟ وتساؤلي هذا يأتي من باب الرغبة في معرفة مستقبل هذه الطروحات، وإلى أين تتجه على أرض الواقع، لأنها لن تكون أكثر من مضيعة للوقت والجهد إن لم تكن حاصلة على الموافقة التضامنية من جميع، أو على الأقل أغلبية، نواب كتلة الأغلبية وذلك حتى تكون لها فرصة معتبرة من احتمالات النجاح. وأنا أطرح هذا التساؤل وأتمسك به، لأن أكثر ما أنهك واقعنا السياسي هو اجتراره اليومي لهذه التصريحات والتهويمات الخيالية الإنشائية حيناً وعالية السقف حيناً آخر، وكذلك انجرافه نحو أي فرقعة تافهة هنا أو هناك وجعلها حدث الساعة، على حساب العمل الحقيقي الموضوعي الذي يمكن أن يصل إلى نتيجة فعلاً.ما يطرحه النائب البراك، ولا أدري إن كانت هذه رؤية كل كتلة الأغلبية أم لا، طرح غير موضوعي في قناعتي، لأنه لا يقوم على الأسس اللازمة لتحقيقه. ولست أقول هذا معارضاً لفكرة أن تكون الحكومة شعبية في أغلبها، بل على العكس من ذلك، أنا من أشد المطالبين بالحكومة الشعبية المنتخبة بالكامل، ولكنني أقول هذا الكلام لأني أرى هذه المطالبة في هذا التوقيت بالذات غير موضوعية، بل أقرب إلى المماحكة السياسية منها إلى الجدية، لأنه، وحتى على فرض قبول «النظام» بفكرة تسليم تسع حقائب وزارية لكتلة الأغلبية، وهو أمر مستحيل تماماً، فقد رأينا طريقة تشكيل الحكومة الحالية أصلاً، كيف ستصل الأغلبية إلى اتفاق فيما بينها على توزيع هذه الحقائب، وهي الكتلة المتشظية أساساً وغير القادرة على صناعة مشروع مشترك والالتفاف حول رؤية مشتركة حالياً؟ ومن سيضمن أن هؤلاء الوزراء التسعة سيعملون كفريق واحد في الحكومة، وهم قد نتجوا أصلاً عن كتلة عجزت حتى الساعة عن العمل كفريق واحد؟! إن هذا هو الكلام «الفاضي» حقاً!الحل في قناعتي، أو بداية طريق الحل على الأقل، يبدأ من عند ما طرحه النائب فيصل المسلم، فنحن بحاجة بالفعل إلى تغييرات دستورية واسعة، وذلك حتى تضع أرضية موضوعية صالحة لمستقبل الكويت سياسياً، يمكن أن تبنى عليها مشاريع تطويرية حقيقية، وصولاً إلى رئيس وزراء وحكومة شعبية منتخبة بالكامل، وانتخابات تقوم على أساس القوائم والجماعات لا الأفراد، وغير ذلك من التعديلات التي باتت ضرورية جداً، ولم يعد بالإمكان المضي قدماً دونها.لكن هل كتلة الأغلبية مع هذا المشروع الكبير حقاً؟ هذا هو السؤال المهم.