التخوف من مخرجات المجلس القادم تبدو حاضرة، فتجربة مخرجات الدوائر الخمس لم تكن بمستوى الطموح، فقد أخفقت في إيجاد آلية للتفاهم والعمل مع السلطة التنفيذية، فكانت الفوضى والمزايدات السياسية أشبه ما تكون بسوق عكاظ... فكان الحل تلو الحل.

Ad

الخوف من الحل كان سيد الموقف، فعمل النواب خلال الفترة الماضية كان تحت ضغط الحل، لذا جنح البعض منهم للخطاب الطائفي والفئوي، وشهدت قاعة "عبدالله السالم" كل أنواع التجاوز، ولم يكن هناك أدنى احترام للمكان، فالضرب والسب والتسفيه حضر فى كل جلسة، مما أثر سلباً في عمل المجلس، وأوقف عجلة التنمية، حتى إن آثار ذلك الصراع امتدت إلى الشارع.  

اليوم نحن بحاجة ماسة إلى مجلس نزيه ينتشل الكويت من هذه الحالة بعد أن حل سمو الأمير حفظه الله مجلس 2009، وبعد أن أبطل القضاء مجلس 2012، جاء الدور على الناخب مرة أخرى لاختيار ممثليه، لكن هذه المرة الاختيار فيه ميزة لم تتوافر للمجالس السابقة، فقد كشفت الأحداث، رغم مرارتها، نوعية النواب وأغلبية من ينوي الترشح، فقد عرَّت صور الكثير منهم وأظهرتها على حقيقتها.

هذه الصور المؤلمة لا يمكن تجاوزها بل يجب أن تكون حاضرة عند الإدلاء بصوتك، فالمجلس القادم هو الأهم في الحياة الديمقراطية، وهو الأهم في عودة الثقة بمجلس الأمة التي افتقدها لمدة من الزمن، فالفوضى السياسية والعبث بمقدرات الوطن وإهدار حقوق المواطن بشكل سافر لا يمكن السكوت عنها.  

الاختيار القادم يجب أن يُبني على أسس ومعايير واضحة، فلم يعد بالإمكان الاستمرار بنفس النهج القديم باختيار نواب الوكالة (صوت من يدفع أكثر) ولم يعد من المنطق اختيار نواب يمثلون قبيلة أو طائفة، فالهدف من وجودهم تمثيل الأمة لا مصالح فئة بعينها؛ لذا فإن مقاطعة هكذا نوعيات واجب وطني، ولنقلها بصوت واضح لهم، وليعرفوا أن الشعب سيختار غيرهم، ولم يعد لهم مكان بالمجلس القادم.

الحقيقة التي على الشعب مواجهتها تكمن في الإخفاقات المتلاحقة من جراء سوء الاختيار، وليس لعدد الدوائر والأربعة أصوات دخل فيها، فمن يضع علامة الاختيار نحن، ومع هذا نستمر في نفس النهج والآلية القديمة في اختيار ممثلي الشعب دون أن نراعي التحولات والتغيرات الإقليمية والتحديات المحلية.

التماس الأعذار والتهرب من المسؤولية هما حجة الضعيف، فإلقاء التهم على الحكومة والشيوخ والمال السياسي، إن صح، لا يعفي الناخب من تورطه في سوء الاختيار.

ودمتم سالمين.