اللاجئون الفلسطينيون يؤججون الحساسيتين التاريخية والمستجدة في لبنان
• قانصوه لـ الجريدة•: على الحكومة وضع خطة كاملة لإدارة الملف • ماروني لـ الجريدة•: قلق على الساحة المسيحية بسبب تزايدهم
تقدم ملف اللاجئين الفلسطينيين الهاربين من المعارك المحتدمة في المخيمات السورية الى واجهة الأحداث في لبنان مع تزايد اعدادهم خلال اليومين الماضيين وضعف امكانات الدولة اللبنانية لاستيعابهم والقيام بما يلزم لاحتوائهم.ويحظى الملف الفلسطيني في لبنان «بمكانة خاصة» في ذاكرة اللبنانيين السياسية في ظل «الحساسيتين التاريخية والمستجدة»، ومن منطلق الخوف من أن يتحول «النزوح المؤقت» إلى «إقامة دائمة» كما حصل عامي 1948 (بداية الهجرة من فلسطين) و1970 (الهجرة بعد ايلول الاسود في الاردن).وقالت شخصية مسيحية قيادية رفضت كشف اسمها ان «حساسية المسيحيين تجاه الفلسطينيين هي نتيجة شعورهم، وعلمهم إلى حد كبير، بأن الفلسطينيين هم من أججوا الحرب الأهلية اللبنانية»، مذكرة بعبارة «حرب الآخرين على أرضنا» التي تداولها الشارع المسيحي خلال الحرب.وأوضحت: «إضافة إلى الاشكالية النفسية يطرح النزوح اشكالية لما يشكله من خطر على التركيبة السكانية ـ الطائفية في لبنان»، مشيرةً إلى أن «ازدياد عدد المسلمين لن يبقي على صيغة المناصفة الواردة في الطائف بل سينعكس على المسيحيين سلباً بمطالبة الفريق الاكثري الجديد بصيغة تعكس وجوده سياسيا»، لافتةً إلى أن «المثالثة قد تكون أحد تلك الحلول».وتابعت: «الحساسية المستجدة هي ترجمة للخلاف السني - الشيعي في المنطقة والذي يظهر محليا بمعركة من هنا وهناك كل فترة»، مشيرةً إلى أنه «لا يخفى على احد أن التوازنات المذهبية الدقيقة تلعب دوراً بالغ الأهمية في الحياة السياسية العامة».وفي السياق، أشار عضو كتلة «الكتائب اللبنانية» النائب إيلي ماروني لـ»الجريدة» إلى أن «لبنان لا يمكنه تحمُّل أي أعباء إضافية جراء تدفق اللاجئين السوريين والفلسطينيين من سورية»، لافتاً الى ان «التجربة الفلسطينية في لبنان كانت مريرة وأدّت الى انتشار السلاح ما أوصلنا الى حرب أهلية وما يزيد على 100 ألف قتيل». ورأى ماروني أن «هناك قلقاً وتذمراً داخل الساحة المسيحية بسبب تزايد عدد اللاجئين»، وقال: «نخشى ان يتطور هذا الأمر ليأخذ منحى خطيراً من خلال اشتباكات جديدة على الساحة اللبنانية».موقف الحكومةوكان موضوع النازحين مدار بحث في جلسة مجلس الوزراء أمس الأول. وعلم أن الوزيرين علي قانصو وجبران باسيل قدما اقتراحاً لاقفال الحدود مع سورية ومنع تدفق النازحين، لأن هؤلاء ليسوا جميعاً مشردين وهاربين، بل ان بينهم عناصر غير منضبطة يمكن ان تؤثر لاحقاً على الاستقرار اللبناني. لكن وزراء «الحزب التقدمي الاشتراكي» رفضوا الاقتراح، ووجد فيه وزير الأشغال والنقل غازي العريضي استحالة للتنفيذ لأكثر من سبب ابرزها عجز الدولة عن ضبط الحدود ومراقبتها، وثانيها التخوف من ازدياد المعابر غير الشرعية.ونفى قانصوه في حديث لـ»الجريدة» أن «يكون طلب خلال جلسة مجلس الوزراء إقفال الحدود في وجه اللاجئين»، لافتاً الى «ضرورة وضع خطة كاملة من قبل الحكومة لإدارة ملف اللاجئين سواء كانوا سوريين أم فلسطينيين». وأشار الى انه «لا يجوز ان يُدار هذا الملف بالمفرّق لأنّ هناك جوانب أمنية وسياسية واقتصادية وتربوية مرتبطة به».وأعلن قانصوه ان «رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وعد بوضع خطط متكاملة لهذا الموضوع في جلسة مجلس الوزراء المقبلة أو التي تليها»، مشيراً الى انه «كانت هناك وجهتا نظر داخل المجلس: الأولى مع إقفال كامل للحدود والثانية مع إدارة الحدود وضبطها»، مؤكداً انه «مع الفكرة الثانية لأنّ إغلاق المعابر الشرعية سيؤدي الى دخول اللاجئين بطرق غير شرعية ومن هنا وجوب بقاء هؤلاء تحت سلطة ورقابة الدولة».يذكر أن عدد الفلسطينيين الذين دخلوا عبر المعابر الشرعية وسجلتهم دوائر الأمن العام مع أماكن إقاماتهم المصرح عنها حتى ظهر أمس، بلغ 2581 شخصاً. وتكمن المشكلة الكبرى التي تعترض معالجة هذا الملف في التمويل، حيث يعوّل الأطراف المعنيون على مؤتمر جنيف للدول المانحة الذي انعقد امس الاول.والجدير ذكره أنّ المعطيات كلّها تؤشر إلى أن معاناة النازحين ستتفاقم خلال الأيام القليلة المقبلة، خصوصاً في النقص الظاهر في المساعدات المقدمة لهم، فـ»الأونروا» لم تقدم سوى بعض الغالونات الفارغة، والمخصصة لتعبئة المازوت، في حين أنّ النازحين الجدد يحتاجون إلى مازوت للتدفئة، وغالبيتهم لم تستطع دفع ضريبة الدخول إلى لبنان عند المصنع وقيمتها 20 دولاراً، فكيف سيقتاتون؟