المخطط الشائك

نشر في 04-11-2012
آخر تحديث 04-11-2012 | 00:01
 ناصر الظفيري قد لا تتفق مع دور المفكر المعادي لكيانك ووجودك ووحدتك وتصمه بأنه مفكر صهيوني استعماري صليبي الى آخر ما في قدرتك اللغوية من صفات، الا أنك في المقابل ودون أن تشعر تسير في مخططه الفكري كما رسمه هو لك دون إدراك منك، وتعتقد أيضا أنه مسكون بحسن النوايا وهي ذات النوايا  الحسنة التى تقود الى الجحيم.

قلنا في المقال الفائت إن الاستعمال الأول للكونية الجديدة ووسائل اتصالها وفضائها المفتوح كان ما يبدو لنا دفاعا عن مواقف أثارت النعرات الطائفية والقبلية والاثنية والعرقية، وستنتهي بنا الى التشرذم والتفكك والصراع حتى الفناء. نقوم بكل ذلك ونحسن أداء الأدوار المرسومة لنا ونحن في ذات الوقت نشتم ونخاصم الذي رسمها لنا في مخططه الاستعماري الجديد كالهوام نقترب من النار حتى نحترق. لا شك في أننا نطالب بالحرية والعدالة الاجتماعية وكرامة العيش والتعددية والايمان بحق الآخرين في التعبير والوجود واقتسام المورد والمشاركة في القرار وان كانوا أقلية، وهي أمور لا ينبئ ما يحدث حولنا ببلوغها والوصول اليها رغم اعلاننا الظاهري فيها كأولويات. هذه هي النوايا الحسنة التى نطرحها ولكن المؤشرات لا تدل على ايماننا بها. والذين يؤمنون بها ويناضلون من أجلها هم ليسوا أكثر من الحقل الأسود لأرض حصادها لجباة الثورات وقاطفي ثمار هذه الثورة أو تلك.

سنكون أكثر وضوحا ونتاول مخططا لم يعد سريا ولكنه يسير حتى الآن كما هو مرسوم له مستغلا أساسيات أو معطيات تم بناؤه عليها. هو المخطط الذي يجعلنا نسير نحو تحقيقه ونحن ندينه ونعادي صاحبه ولكننا بكل بساطة الأدوات الحقيقية في تحقيقه.  مخطط برنارد لويس والذي قدمه للادارة الأميركية منذ تعيينه مستشارا لادارة جورج بوش الأب والابن ومخططا استراتيجيا لشؤون الشرق الأوسط وافريقيا والذي يهدف الى تقسيم الشرق الأوسط الى دويلات عرقية واثنية تستطيع الولايات المتحدة السيطرة عليها وعلى مواردها وتستطيع اسرائيل ضمان تفوقها واستمرار نموها حسب الحاجة المستقبلية لاتساع رقعتها.

 وأعلم أن البعض يقول وما العمل، هل نبقي على الوضع القائم من انعدام الديمقراطية وحكم الحزب الواحد وانعدام الحرية؟ وسأقول لا بالطبع، ولكن هذا المخاض الذي يحدث الآن يجب أن تصاحبه رسالة فكرية واضحة توحد ولا تفرق تعمل على ترسيخ مبادئ الديمقراطية واحتواء الآخر. لا يمكن أن تكون نتيجة الثورة المصرية مثلا محاربة جميع من كان في الحزب الوطنى السابق ولا يمكن أن تكون الدعوة لإلغاء حق المواطنة من المصري المسيحي أو العلماني المسلم والعلماني الملحد. ولا نقبل أن يكون نجاح الثورة السورية هو اقامة الحد على كل علوي سوري وهكذا.

سأنقل عبارة لبرنارد لويس استوقفتني وهي من المعطيات التي بنى عليها نظريته التفكيكية للشرق الاسلامي. "المسألة التى تناقش دائما: اذا كان الاسلام عقبة في وجه الحرية والعلوم والنمو الاقتصادي، كيف استطاع المجتمع الاسلامي في الماضي أن يبدع في هذه الأوجه الثلاث- وذلك في الوقت الذي كان فيه المسلمون أكثر قربا زمنيا من مصادر الايمان كما هم اليوم؟ البعض يطرح السؤال بشكل آخر – ليس "ماذا فعل الاسلام للمسلمين؟" ولكن ماذا فعل المسلمون للاسلام؟"

ما نقف ضده اليوم ليس الصراع ضد الاستبداد ولكن مصير هذا الصراع الذي سيستمر الى أن يكتمل مخطط لويس، ونرى أقطارا صغيرة متنافرة. أكراد على بقعة أرض ودروز على بقعة أخرى، أقباط هنا ونوبة هناك شيعة في اقليم وسنة في آخر والسودان للأسف هو حقل التجربة الأولى دون أن ننتبه أو بالأحرى لا نريد أن ننتبه.

back to top