مقاطعة الانتخابات والتوافق المرحلي
من الملاحظ أن فئة الشباب تشكل النسبة الغالبة في الحراك الشعبي الحالي المطالب بالتمسك بالدستور والإصلاح السياسي والديمقراطي، وهو ما يبين أن جيل الشباب قد تشبع من الحديث النظري المكرور والممل حول احترام الدستور والمؤسسات الدستورية وسيادة القانون وتكافؤ الفرص والعدالة والمساواة بينما يرى عكس ذلك على أرض الواقع.
![د. بدر الديحاني](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1472378832591788600/1472378876000/1280x960.jpg)
وبالطبع فإن الاصطفاف السياسي المرحلي أو التوافق العام حول قضية محددة أو مطلب معين بين قوى وتيارات وتكتلات بينها اختلافات فكرية وسياسية لا يعني بأي حال من الأحوال انتهاء الاختلافات الفكرية والسياسية، أو عدم وجود تباين في وجهات النظر حول تفاصيل إدارة المرحلة، بل كل ما في الأمر أن الخلافات الفكرية والسياسية مؤجلة لما بعد تحقيق الهدف الذي دعاها إلى التوحد لأن الانشغال في القضايا الفرعية والتفصيلية في هذه المرحلة يشتت الجهود، ويكون على حساب تحقيق المطالب أو الأهداف المتوافق عليها، وخير مثال هنا ما يحصل في أوروبا حالياً، حيث توحدت قوى سياسية مختلفة ونقابات عمالية ومنظمات مجتمع مدني ضد سياسات صندوق النقد الدولي أو ما يسمى "سياسة التقشف الاقتصادي".من هذا المنطلق، فإن التوقف كثيراً وتكرار الحديث التفصيلي الممل في هذه المرحلة السياسية الحرجة التي يمر بها بلدنا عن القضايا الخلافية بين الكتل البرلمانية أو القوى السياسية في مراحل تاريخية سابقة لا يخدم إطلاقاً الحراك الشعبي الحالي، بل إنه يضعفه ويصب في نهاية المطاف في مصلحة منظومة الفساد السياسي التي يهمها تفكك الاصطفاف السياسي والشعبي المطالب بحزمة إصلاحات سياسية جذرية وشاملة، والذي يعارض حالياً انفراد الحكومة بالقرار ويدعو إلى مقاطعة الانتخابات ترشحاً وتصويتاً.